ا.د.مكي غازي المحمدي*
منذ 2006، شرع العراق بالتوجه نحو الحكومة الإلكترونية، وبدأ بإجراءات لوضع البدايات من خلال عقد المؤتمرات والتدريب والإعداد اللوجستي والتقني والمساعي من أجل تقليص الفجوه الرقمية .
لم تكن الإجراءات بالمستوى المطلوب والمخطط له، بسبب عدم توفر الإرادة السياسية والاهتمام الحكومي اللازم، نتيجة انشغال العراق ببناء العملية السياسية وسط أجواء أمنية لم تساعد على التفاعل مع الفعاليات الرقمية، وإعطاء الأولويات للأمن والغذاء، وكل ما مر خلال السنوات السابقة من تجارب كانت ضعيفة، الأمر الذي أحرج العراق بين دول العالم، وأخرجه من أغلب مؤشرات التنمية المستدامة ومؤشرات التعليم والصحة وغيرها، بسبب عدم مواكبة العراق للرقمنة، وعدم وجود إحصاءات سكانية تنموية.
خلال السنوات السابقة مر العراق بعدة تجارب رقمية، منها البطاقة الموحدة التي أقصى إنجاز لها لا يغطي 94 %، والبطاقة التموينية كانت متعثرة بسبب عدم اختيار شركات ذات كفاءة، الأمر الذي لم يغط أغلب محافظات العراق، وقد قدرها الباحثون بأقل من 25 % من العدد المطلوب، وكل الإجراءات الأخرى المتعلقة بالخدمات الرقمية مثل بطاقات الماستر كارت لم تخدم إلا شرائح معينة، وهي معلومات غير مرتبطة بالموقع الجغرافي وخواصها محدودة، ما يعني محدودية الخدمة..
وها نحن اليوم في وزارة التخطيط نسبق كل الوزارات والإجراءات لنسجل التجربة الرائدة الأولى على مستوى العراق لبوابة العالم من خلال مشروع التعداد الرقمي الأول في العراق، بنسب التحول الرقمي بمعدل وبنسبة أكثر من 99 % وهذا ما يفوق أكثر نسب التحول الرقمي على مستوى العراق والدول العربية..
لقد أبى العام الميلادي 2024 أن يغادر قبل أن يسطر الإنجاز، مقرونا باسم دولة رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني، وبدعم من معالي وزير التخطيط الدكتور محمد علي تميم، بمشروع ضخم نحو تحقيق قاعدة بيانات جغرافية سكانية، مقرونة بالأسرة والفرد والخصائص بشكل رقمي عالي الدقة، لنسجل إنجازا دوليا، بشهادة الأمم المتحدة ودعمها للوزارة. هكذا من حق العراق أن يفخر بأن المنجز هو رقمي عالمي وفريد على مستوى المنطقة. لقد أصبح لكل أسرة عراقية موقع جغرافي رقمي بالعالم الرقمي، وستكون انعكاسات ونتائج التعداد السكاني موثوقة في العالم، وأحد أهم مؤشرات التنمية المكانية .
• نائب رئيس هيئة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية . / البروفيسور المتخصص في Gis