{الريادة} فقدت معناها

الصفحة الاخيرة 2024/11/27
...

زيد الحلي

أحدثكم عن ظاهرة شاعت وانتشرت في الآونة الأخيرة في الأوساط الثقافية والفنية والصحفية وربما السياسية، وهي ذكر عبارة " رائد " تسبق اسم البعض ممن ينشرون او يرسمون او يمثلون او يتحدثون، وأعذروني القول بهذا الصدد، إن الريادة كلمة فضفاضة… فكم من شخص ولج ميدانا وبرز فيه حتى تكتشف بعد سنوات أن هذا الشخص"كان رائدا" في سنوات خلت، لكن تيار الحياة جرفه؛ وغادر قاعة الريادة .
إن العقل الإنساني يبقى ولوداً، والدور الريادي أخذ بالتأرجح، طالما، إن الحياة تستمر في دورانها... وإنني أسألكم، كم نسخة كانت المطابع تضخ إلى المكتبات من الكتب الثقافية والسياسية في سنوات الخمسينيات؟ وأوفر عليك الإجابة بالقول إنها كانت بالآلاف... لكن كم تضخ الآن؟ سيذهلك الرقم، فلقد تناقص لحد مخيف.. وفي جولة يسيرة لك في مقاهي الانترنت ستجد أن النسبة الأكبر من مرتاديها؛ يتصفحون صفحات الألعاب، والباقي يتوزعون بين المواقع العلمية والمعرفية الأخرى، عدا استثناءات قليلة جدا لا يقاس عليها، وكم عائلة كانت تتسابق لدخول المسارح ودور السينما، ومعارض الفنّ التشكيليّ .. إنها بالمئات، والآن من يسعى إلى ذلك قلة، ومن أصحاب " الكار" الواحد !
يا أخوان .. إن ثقافة الدماغ والاستيعاب والتذكر قلّت، فيما أتسعت ثقافة اللحظة الخاطفة .. ولم يبق للريادة دور.. فاكتبوا الاسماء مجردة، دون عبارات مثل "رائد" او"مبدع" فذلك أنفع لكم، وللجيل الجديد.