القرار 1701

قضايا عربية ودولية 2024/11/28
...

علي حسن الفواز



ليست هناك حرب أبدية، فكل الحروب تنتهي بمعاهدات سلام، أو بقرارات دولية، وبشروط تفرضها السياسة، لكن الالتزام بهذه القرارات يظل هو الفيصل في مواجهة تفريخ "حرب أخرى"، لأن ما يصنعه السلام الرخو يجعل الجبهات مفتوحة على احتمالات العودة إلى خيار القوة، وإلى فرضية التجاوز على القرار والمعاهدة، تحت ذرائع شتى.

العودة إلى القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن 11 آب 2006 بات هو الخيار العقلاني لإيقاف العدوان على لبنان، ولحفظ الأمن والسلام في المنطقة، وبما يُلجم نوايا الكيان الصهيوني بتحويل العدوان إلى الاستمرار في سياسة حرق الأرض وقتل المدنيين وتدمير المدن، إذ لا يعرف هذا الكيان سوى هذه السياسة البشعة التي ارتبطت بتاريخه، وبأهدافه العدوانية، وإذا كانت خلفية هذا القرار تعود إلى حرب 2006 وظروفها العسكرية، فإن ما كان يعمد إليه الكيان الصهيوني ظل مريبا، وباعثا على إبقاء "جبهة الجنوب اللبناني" ساخنة ومتوترة، عبر عسكرتها، وعبر احتلال جزء من الأراضي اللبنانية في مزارع شبعا، وهو ما دعا إلى وضع هذا القرار أمام تحديات كبيرة، وإجراءات وخروق دونتها قوات الأمم المتحدة اليونيفيل التي تشكلت وفق معطيات القرار 1701.

ما جرى على الأرض جعل تنفيذ القرار محفوفا بالخطر، فالتهديد الصهيوني ظل قائما، وأبواب الحرب ظلت مفتوحة، لاسيما مع استمرار الدعوات اللبنانية لانسحاب الكيان الصهيوني من كامل الأراضي اللبنانية، وما حدث بعد العدوان على غزة بعد السابع من أكتوبر 2023 أعاد إلى الواجهة حديث الالتزام بالقرار، فالمقاومة اللبنانية ومن باب الواجب الشرعي والإنساني، ساندت الشعب الفلسطيني، ودعمت مقاومته، وهو ما دفع الكيان الصهيوني إلى إيجاد الذرائع لشن العدوان على لبنان من دون رادع دولي، ومن دون مراجعة أسباب الحرب، وإيقاف جرائم الإبادة والعنصرية في غزة.

حديث العودة إلى القرار 1701 يعني التأكيد على موضوع الالتزام بحيثياته الأمنية والقانونية، ومنع الكيان الصهيوني من انتهاكه وإضافة فقرات جديدة، أو من إبقائه مفتوحا على احتمالات العدوان ومسوغاته، وهذا ما يجعل من عملية إيقاف إطلاق النار مرهونة بالجدية، وبفاعلية القرار الدولي، وباللجنة الخماسية التي ستشرف على تنفيذه، وقطع الطريق على "صهينته" وتحويله إلى "كماشة نار" أمام تطبيقه من دون تغيير، من خلال التأكيد على سلامة الأراضي اللبنانية المعترف بها دوليا، ومنع أيّ مساس بالحقوق السيادية والسياسية، لاسيما ما يتعلق بوجود قوات أجنبية على الأراضي اللبنانية.