الهوس بالفضيحة

الصفحة الاخيرة 2024/12/03
...

د. علاء هادي الحطاب

في مراجعة سريعة للمنصات التي تنشر الفيديوهات كمنصة يوتيوب وغيرها، نلحظ أنَّ الفيديوهات التي يحملُ وصفها كلمة “فضيحة” هي المتصدرة بنسبة المشاهدين، مع أنَّ كثيراً من تلك الفيديوهات هي بالحقيقة ليست فضيحة، بل ربّما إعلانٌ عن منتجٍ معينٍ بطريقة غير تقليديَّة أو ربما مقطعٌ لأغنية أو مشهدٍ لمسلسلٍ أو فيلمٍ أو غيرها وضع ناشرها كلمة “فضيحة” في الوصف ليضمن أكثر مشاهدة لمادته وأكثر زيارة لقناته أو صفحته، وهذا ما يلجأ إليه بعض صُنّاع المحتوى الباحثين عن “الطشة” سريعاً.
في واقعنا اليوم نجد الناس تتناقلُ المعلومة أو الصورة أو مقطع الفيديو الذي يحوي فضيحة أو إساءة لشخصيَّة عامَّة معروفة ربما تكون ناجحة في مجال عملها واختصاصها، بل إنَّ كثيراً من الناس تتابعُ وتتقصى عن أيَّة معلومة تردُ فيها فضيحة لشخصٍ ما دون التأكد والتدقيق من صحة هذه المعلومة أو كذبها، حتى وإنْ سبَّبَ نشر هذه المعلومة ضرراً يصلُ الى موت هذه الشخصيَّة، وهناك نماذج كثيرة شاهدنا كيف قتلتها المعلومة أو الصورة أو مقطع الفيديو، بسبب مساهمتنا في إشاعتها.
هذا الأمر بحدّ ذاته يمثل تراجعاً أخلاقياً وقيميَّاً كبيراً في المجتمع، فالمفترض وكما علمتنا أخلاق أسرنا وديينا وأعراف دواويننا هو أنْ نداري أخطاء الآخرين وعدم إفشائها والحفاظ على أسرار الآخرين ومن ضمنها عيوبهم كي لا نسهم في الإساءة لهم والحط من قيمتهم في المجتمع، لا سيما إذا كانوا وجهاءً أو معروفين وأنَّ ما حصل هو مجرد خطأ قاموا به وليس منهجاً في حياتهم اعتادوا عليه.
تسابق الناس وراء عيوب الآخرين وأخطائهم وملاحقتها ونشرها والتشهير بها هو مرضٌ اجتماعيٌّ بات مزمناً مع الأسف، وقد أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي بإفشائها بين الناس.