كيف تتخلص من نظارتك؟

اسرة ومجتمع 2019/06/29
...

 احمد جبار غرب
كنت اشعرعند مشاهدتي للتلفاز اني احاول تقليص عيوني وتكويرها حتى استمتع بالصورة التي اشاهدها مما كان يسخر الاطفال من طريقة نظري للأشياء ولم اتصور يوما اني اعاني من حالة قصر البصر حتى اعالج نفسي وتصورت ان الناس جميعهم هكذا وتفاقم الوضع واشتد القصر ومن دون ان ابالي او اكترث حتى بدا لي الامر اني مسحور او مصاب بجن ولكن اتضح اني اعاني من قصر بصر شديد وبعد ان اوغلت في القراءة والمطالعة العامة اضافة الى واجباتي المدرسية كنت نهما ومتلهفا لكي اقرأ كل شيء وأي كتاب يقع في يدي واعتبره عبارة عن كنز من المعلومات التي احتاجها لتشذيب مهاراتي الكتابية واللغوية ومحاولة معرفة العالم الذي يحيط بي وكانت قراءاتي المبكرة هي اكبر من قدرة استيعابي لها لكني كنت اتبع خيوطها وتراكيبها ، وكنت امقت كتب المدرسة ولا ابالي بها كونها رتيبة وذات سياق ممل ليس فيه تشويق او ادهاش لكي استمتع ذهنيا بما اقرأ ، وكانت قصاصات ورق الصحف التي انتشلها وأنا في طريقي الى المدرسة لأرى ما مكتوب في هذه الورقة واختلافها عما نقرأه في مناهجنا التدريسية! 
وهي اخبار عن الحروب وعن السياسة وفي وقت مبكر نمت عندي تصورات عن الاشياء المحيطة بي وفي محاولة فهمها واكتشافها ..ثم بدأت مرحلة المجلات الفنية (الموعد والشبكة والكواكب وألف ليلة وليلة والمصور وألف باء وآخر ساعة والحوادث) كل هذه الامور كرست لدي مفهوم المعرفة والإطلاع والتجوال الدائم بين الكتب والمجلات والصحف على مختلف اجناسها من القصة والرواية والبحوث وتعمقت كثيرا في القراءة النوعية الى كتب الفلسفة وعلم النفس والاجتماع وقرأت لأساطين الفكر العالمي وكذلك اشهر الروايات العربية والعالمية وحتى البوليسية ومن هنا فقد كان نظري يضمحل حتى اكاد ان اصيب بالعمى الرسمي لولا اعتمادي على نظارتي الطبية التي اعانتني كثيرا في حياتي ولها فضل كبير في تسيير اموري الحياتية والمعيشية رغم انها لم تعطني درجة رؤية واضحة جدا كأقراني من الاسوياء طبيعي النظر وفي الاونة الاخيرة كثرت الاخبار حول عمليات الليزر والليزك والفيمتو سمايل وزرع العدسات وما توصلت اليه تقنيات تصحيح الابصار من تطور مذهل لا يصدق ساهم في انعاش آمال الملايين من البشر في استعادة نظرهم بشكل طبيعي ومن دون آلام.. فذهبت لأحد الاطباء الاختصاص في جراحة العيون وبعد (تجييك) العين وعمليات الاختبار وفحص قاع العين وأخذ بصمة العين والتي تختلف عند كل البشر مما يسهل من اعطاء معلومات دقيقة وصحيحة للمريض وفتح الطبيب مهند ملفا لي وحدد لي موعدا لإجراء عملية زرع العدسات وأكد انها تناسبني بشكل كبير وتستطيع استعادة رؤيتك الطبيعية افضل من باقي العلاجات الليزرية ،اخذت مشورة الطبيب بجدية كونه مختصا وله الخبرة التي تؤهله للحكم على الحالات الطبية وتوافقها ،حتى اطمأنت نفسي ودواخلي وركنت قليلا متأملا ما سيجرى لي ولحظات حتى شعرت بأصابع الطبيب تلامس عيني وشعرت ببرودة اصابعه فاندهشت وسألته مندهشا.. الم يجرى لي تخدير ولكني اشعر ببرودة في عيني!؟ قال نعم هذا شيء طبيعي ولكنك لن تشعر بالألم اطلاقا وهذا ما حصل فعلا اذا بدأت المشارط والأجهزة تتوغل في عيني وأنا اراها بشكل جيدا على شكل هلاميات وأثناء ذلك تبادلت الحديث مع الطبيب وما هي ألا سبع دقائق او اقل حتى قال لي مبروك انتهى كل شيء وكم كنت سعيدا بذلك فقد تخلصت من عارض رافقني طوال حياتي وسبب لي الكثير من الاحراجات والمشكلات انتهت بسلام ووصفولي علاجات استخدمها لشهر واحد حتى استعيد كامل عافيتي البصرية وأوصوني بفتح الضمادات الساعة التاسعة ليلا لوضع القطرات وعدم. 
نزع النظارات الخاصة من الاشعة والإبهار والضوء المفاجئ للعين وفعلا حان وقت نزع الضمادة وما ان نزعت الضمادة حتى تراءى لي ان الاحجام غير الاحجام التي كنت اراها سابقا  والألوان غير الالوان التي كنت اشاهدها وكم سرني ذلك.. تنفست الصعداء وراجعت شريط ذكرياتي وآلامي مع نظارتي العزيزة على قلبي. وحقيقة ان الصحة اثمن رأسمال للإنسان فالفقر الصحي والمرض عافاكم الله لا يمكن تعويضه مهما ملك الانسان من قدرات مالية واجتماعية وكما قيل قديما الجسم السليم في العقل السليم ، تلك تجربة ومفصل مهم في حياتي اعادت لي الامل والإحساس بالحياة بكل الوانها الزاهية وختاما اذا كان لابد من كلمة شكر وثناء واجبة اوجهها للدكتور مهند الميالي وكل كادر المستشفى الذي يعمل بشكل مهني متقدم واشكر كل اصدقائي الذين وقفوا معي وساهموا في تحفيزي 
والدعاء لي .