المقام العراقي يصدح في يوم بغداد
بغداد: رشا عباس
بمناسبة ذكرى تأسيس بغداد، نظم بيت المدى للثقافة والفنون في شارع المتنبي، فعالية ثقافية موسيقية تراثية للحديث عن بغداد وفن المقام العراقي الذي يعد هويتها الفنية، والذي تمتد جذوره إلى العهد العباسي، كما يشير المؤرخون.
بدأ الباحث الموسيقي عبد الله المشهداني حديثه متغزلاً ببغداد كمدخل للحديث عن قيمة وأهمية العاصمة بغداد وما قدمته للإنسانية من أدب وفن وموسيقى، مسلطاً الضوء على فن المقام العراقي، قائلاً "نشأت في بغداد فنون عديدة وترعرعت، فقد نقل زرياب الأدوار والموشحات من بغداد إلى الأندلس، وقام ابراهيم الموصلي وابنه اسحاق بالحفاظ على تلك الثروة الغنائية الموسيقية منذ زمن طويل، لكي تصل إلينا خلاصة هذا الفن قبل أكثر من ثلاثة قرون عن طريق الملا عبد الرحمن وليد، المولود 1737 الذي تتلمذ على يد نخبة من قراء المقام وعشاقه، والباحثين في هذا المجال منهم علي الصفو من الموصل وحسن البابوجي من بغداد ورحمة الله شلتاغ من كركوك وما شاء الله المندلاوي من ديالى، فضلاً عن الهواة أمثال ابراهيم نجيب وهو من الأسرة الحاكمة، وكان من عشاق المقام العراقي وأصوله، وفي القرن العشرين ظهر قراء للمقام العراقي والأداء الديني مثل محمد القبانجي ويوسف عمر وغيرهم الذين أدوا رسالتهم في الحفاظ على الموروث الغنائي". متمنياً أن يأخذ هذا اللون حقه بين
الفنون.
بينما قدم الباحث حيدر شاكر، شكره وتقديره للكتاب لما لهم من دور مهم في البحث عن فنون المقام العراقي ومخطوطات هذا الفن الجميل الذي طالما عبر عن أفراحنا وأحزاننا بطرق محببة، لا يزال عشاقه يتلهفون لسماعه من خلال الأمسيات أو الأصبوحات المتضمنة تلك الألوان الغنائية المتميزة التي بدأت تأخذ حيزاً مهماً في حياة
العراقيين.
إعادة اعتبار
وفي منتصف الجلسة تعالت أصوات قراء المقام بألوان متنوعة من المقامات، وهم يتغنون ببغداد ولياليها الجميلة التي جمعت مختلف الطوائــف والقوميـــات،
لا سيما وهم يستمعون إلى كلمات آبائهم وأجدادهم، فقارئ المقام وعازف آلة الجوزة طه غريب استرجع ذكرياته عندما كان يقدم المقام ويشاهد الجمهور منبهراً وشارداً في بحر الماضي، متحسراً على ما يقدم اليوم من الغناء الوافد والهابط الذي لا يرتقي إلى أن يكون في ساحة الفن العراقي، فالعراق صاحب أول آلة موسيقية بالعالم، ولا بد للقائمين على الثقافة والفنون الانتباه إلى إعادة الاعتبار لهذا التراث العريق، كونه يتضمن قيماً أخلاقية وإبداعات لكبار القراء والمنشدين في مجال الغناء والموسيقى.
رسوخ المقام
من جانبه، أشار عازف السنطور صباح هاشم غالـي إلــى أن نسبـــة
الحضور استطاعت أن تبين مدى حب واعتزاز الجمهور البغدادي بالمقام العراقي، فهو موجود في ذائقتنا وراسخ بوجداننا، لكن يحتاج إلى التفاتة
من الدولة والجهات المعنية وحرصها على إقامة ندوات وحفلات من شأنها أن تدعم هذا الموروث على اعتباره ذروة الأشكال الغنائية، موضحاً نحن كمختصين نحاول أن نعيد ألق هذا الفن ونزرع حبه في طلبتنا من خلال تقديم البحوث والوثائق والمخطوطات من أجل إخراج جيل يعشق المقام ويواصل
العطاء والمسيرة، مؤكداً في ختام حديثه، أن المقام العراقي تتوارثه الأجيال، حيث قرب هذه الصورة الفنان كاظم الساهر من خلال اللهجة العراقية التي باتت محببة لدى الوطن العربي
والعالم.