علي حسن الفواز
يكشف إعلان الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول فرض الأحكام العرفية عن المخفي في الصراع السياسي الداخلي والخارجي، وعن علاقة هذا القرار بتداعيات الأزمة الكورية، وبطبيعة التحالفات التي بدأت تتبدى أخطارها الأمنية والاقتصادية في المنطقة.
صحيح أن فرض هذه الأحكام اصطدم بموقف البرلمان الكوري الرافض، لكن الواقع السياسي له فرضياته وإجراءاته، فبقدر ما يحمل الصراع الداخلي مع المعارضة من ضغوط، إلّا أنه قد يضع فكرة الحرب مع الجارة الشمالية على الطاولة، وبالتالي فتح أبواب التدخل الدولي في شبه الجزيرة الكورية، لاسيما بعد التوقيع على الاتفاق العسكري والأمني بين كوريا الشمالية وروسيا.
هذا القرار يحمل معه توجهات ليست بعيدة عن سياسة الضغط على روسيا في حربها مع أوكرانيا، ولا عن الرهانات بعسكرة المنطقة، وهو ما يعني وجود تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة، في اتخاذ هذا القرار، وفي تهويل إجراءاته، وبالاتجاه الذي يجعل من الأوضاع في شرق آسيا مكشوفة على احتمالات متعددة، وعلى نحوٍ تختلط فيه الأوراق مع الملف التايواني، ومع سياسات الرئيس الأميركي المنتخب ترامب إزاء الملف التجاري الصيني، رغم أن وزارة الخارجية الأميركية قد أصدرت تصريحاً على لسان نائب وزيرها يدعو إلى معالجة الخلافات الداخلية عبر السياسة وعبر القانون.
فرض الأحكام العرفية يعني تسلّم القوات المسلحة إدارة البلاد، وتعليق "الديمقراطية" والعمل البرلماني ووسائل الإعلام ودور النشر، ووضع السياسة في خدمة العسكر "حفاظاً على الحرية والنظام الدستوري" كما قال الرئيس الكوري، فجعل من خطابه "الثوري" يحمل طابعاً راديكالياً ومُغلفاً بالدعوة إلى مواجهة " القوات السافرة المعادية" كما سمّاها، وكأن الذهاب إلى هذا الخيار الصعب هو جوهر المشكلة، رغم أن الأمر يحمل معه تداعيات تخص الواقع السياسي الداخلي المعقد، والخارجي الذي يخص الأزمة الجيوسياسية بين الكوريتين.
إجراءات الرئيس الكوري تهدف إلى تحجيم المعارضة، عبر منع التظاهرات والاحتجاجات الرافضة لهذه الأحكام، ولما تتركه من تداعيات على الحقوق المدنية والديمقراطية، وصولاً إلى وضع منتهكي الأحكام العرفية تحت طائلة المحاسبة دون الرجوع إلى القضاء، والذي سيقود حتماً إلى تظاهرات رافضة، عبر دعوة زعيم المعارضة الكورية إلى مواجهة هذه الأحكام، وإلى إجراءات تمنع تنفيذها، لما تحمله من عناوين سياسية وتدابير أمنية، ستنعكس سلباً على السلم الاأهلي، وعلى الوضع الاقتصادي للبلاد، لاسيما بعد رفض بعض أحزاب المعارضة لمشروع قانون الموازنة في البرلمان.