صلاح السيلاوي
احتفى اتحاد أدباء كربلاء بتجربة الشاعر د. حاتم عباس بصيلة عبر أمسية أدارها الشاعر فاضل عزيز فرمان وحضرها جمهور الأدب والثقافة في المدينة.
ابتدأت الأمسية بكلمة لمديرها أشار فيها إلى أهمية تجربة المحتفى به وبعض مميزاته وممكناته الكتابيّة واهتماماته بين الشعر والمسرح الشعري وكتابة النص النثري والنقد والرسم، ثم قرأ نصا شعريا للمحتفى: (في صِغَري جلستُ فوق دكةٍ صغيرةٍ في بيتنا/ منتظرا رسالة تأتي مع الطيور/ ومرت الطيور باختلافها/ ومرت الأوجاع باختلافها/ ولم أزل أجلس فوق دكة صغيرة في بيتنا منتظرا محطم الشعور) ثم لفت إلى أن هذا المقطع يمثل جزءا من هوية عباس بصيلة.
ذهب بعد ذلك مدير الجلسة للحديث عن "طويريج" المدينة التي ولد فيها عباس بصيلة وكانت الحاضنة الفعلية لحياته الثقافية مارا بحديثه على محطات متعددة ابتدأها من مراحل الصبا والشباب والدراسة، وكيف كان يلتقي مجموعة من أدباء وشعراء هذه المدينة ومنهم "عدنان سعيد هاشم، وسعيد الموسوي، وحسين ناجي وجبار عبد الحسين، والناقد عبد الهادي الزعر، وصبحي الباني، وحسين غضبان، وغدير عنبر"، لافتاً إلى أن عباس بصيلة كان أحد أصغر شباب هذه المجموعة وكثير الاصغاء لما يدور من حوارات فيها.
ثم تحدث المحتفى به عن حياته وطفولته التي وصفها بخير منبع للمعرفة، وكيف أن والده وفر له مساحة زمنية مناسبة للقراءة عندما لاحظ اهتمامه بالكتب والمجلات كما ذكر أثر والدته التي كانت تحفظ الشعر الشعبي بكثرة.
أما صباه فقد اختصر جزءا منه على ضفة نهر طويريج، حيث كان يقرأ أيام الامتحانات دائما على مصابيح الشارع المجاور للنهر من أول الليل إلى وقت متأخر قد يصل إلى الصباح أحيانا، تحدث بعد ذلك عن علاقة النهر بخيال الشاعر وارتباط ذلك الخيال برومانسيته وأحلامه المتدفقة تدفق الموج الهادئ مرة والعاصف مرة أخرى. ذهب عباس بصيلة بعدها للكلام عن بدايته الشعرية وتعلمه الاوزان على يد الشاعر كريم الشيخ، ثم نشره عن طريق البريد في صحف كويتية كالمجالس الكويتية واليقظة وفي مجلة الراصد في العراق، كما تطرق إلى اهمية "مقهى النهر" في المدينة الذي كان يجمع عدداً من الادباء وكان الحوار والإصغاء فيه يغني أحيانا عن قراءة كتاب على حد
وصفه.
وقد أبدى المحتفى به رأيه بمجموعة من القضايا الأدبية والثقافية ومنها (قصيدة النثر) التي يرى أن مصطلحها يأكل نفسه انطلاقا من التضاد الموجود فيه الذي يجمع كلمتي قصيدة والنثر.
مر بعد ذلك على موضوعة تقديس الظواهر الأدبية والشخصيات بشكل اعمى كالجواهري وعبد الرزاق عبد الواحد الذي كتب عن مشكلات معينة في شعره وادونيس ومحمد الماغوط والبياتي الذي يرى أنه استخدم ثلاثة ارباع الاساطير بشكل خاطئ.
وبهذا السياق تطرق عباس بصيلة إلى كتاب له، اسمه "أخطاء الأدباء الكبار" تحدث فيه عن هذه الموضوعة المهمة. ثم أثار شيئا عن الشللية في الادب وشيوع عدم دخول الشاعر إلى منطقة السرد أو العكس.
كما وتناول منجزه في المسرح الشعري وحصوله على جائزة الدولة التشجيعية عن مسرحية "البحث عن ضمير" في التسعينات من القرن الماضي، ثم تكلم عن الأشكال الجمالية لإملاء اللغة العربية وضرورة أن يسعى الشعراء بالعمل على صناعة طريقة جديدة فيها، كما انتقد احد مظاهر الذكورية في اللغة مثل القاعدة التي تقول أن كلمة دكتور يجب أن لا تؤنث وإن كان اللقب يخص امرأة ودعا إلى تجاوز مثل هذه الأمور.
ومضى متحدثا عن أهمية الفلسفة منتقدا عدم قراءتها من اغلب الشعراء، تحدث بعد ذلك عن الحب عند الشعراء مفرقا بين الحب والغزل، مشيرا إلى أن الحب لا يمكن أن يكون روحيا أو جسديا صرفا لأن المحبوب له شكل وجسد مستشهدا بمقولة إفلاطون "يبدأ الحب بحب بالأشكال، ثم يرتقي إلى حب الجواهر، ثم يرتقي الى حب المطلق".
قرأ المحتفى به عددا من قصائده جاء بعد ذلك دور المداخلات التي أسهم بتقديمها كل من القاص حمودي الكناني والشعراء حسن الفتال وصلاح السيلاوي وعدنان الموسوي.
جدير بالذكر أن حاتم عباس بصيلة ولد عام 1964 في قضاء الهندية المعروف بطويريج، بدأ كتابة الشعر في السادسة عشر ودرس في كلية الفنون الجميلة في بغداد، وفصل منها عام ١٩٨٦ بسبب انتفاضة طلاب الجامعة، وأرسل الى الوحدات الفعالة في الجيش أثناء الحرب العراقية الايرانية، بعد ثلاث سنوات عاد إلى الكلية وحقق نجاحا يؤهله للدراسات العليا إلا أنه لم يستطع ذلك بسبب الفصل.
حصل بعد التغيير على الماجستير عن رسالته "دلالات الحب في الفن التشكيلي العراقي المعاصر" وعلى الدكتوراه عن اطروحته "الدلالات التعبيرية في نصوص قصص الف ليلة وليلة وتمثلاتها في النص البصري الاوروبي".
له من المجاميع الشعرية ما يلي: "يكفيني ظل الأشياء، ولسان أعمى، وقدر الحب، وثلاثيات الضياع والألم، والماشية على الروح، وأن هذا الحب ما بيدي، وملحمة الأغنية الخرساء". وفي المسرح الشعري صدرت له المسرحيات "البحث عن ضمير" التي فازت بجائزة الدولة التشجيعية، و"الاصنام"، و"مائدة الشيطان"، و"خنجر الغدر"، و"صراع الأحبة". وأصدر كتبا أخرى بين النص النثري والرسائل والسرد هي "أحزان الكتاب النثري، وأفراح الكتاب النثري، ورسائل حب، وفتاة الياسمين". وله مجموعة من الدراسات هي: "صورة الشيطان في شعر حسين مردان، وصورة الانثى الإله في الفن الرافديني، والفكر الجمالي عند الامام علي، والمفاهيم الفنية والجمالية في القرآن الكريم، والمنظر الطبيعي في القرآن الكريم، وأثر الايقاع في الطبيعة على الفنون، ومقالات شرسة، ووحوش ثقافية، وكتاب خواطر الايام، وكتاب رحلة الفتى الشاعري". وكان أحد مؤسسي جريدة كربلاء اليوم بعد التغيير وأول سكرتير تحرير لها. مارس التدريس 30 عاما وأحيل على التقاعد وهو متفرغ حالياً للكتابة والتأليف.