سكوت ريبورن
ترجمة: كريمة عبد النبي
انضم الرسام السريالي البلجيكي رينيه ماغريت إلى نادي المليون دولار بعد أن تم بيع لوحته في مزاد كرستي للأعمال الفنية بقيمة مئة مليون دولار. ويضم هذا النادي رواد السريالية، ومنهم "بابلو بيكاسو، فان كوخ، والفنان وارهول". وبذلك يصبح ماغريت آخر عضو ينضم إلى هذا النادي بعد أن بيعت لوحته بهذا المبلغ.
والعمل الفني لماغريت والذي بيع بهذا المبلغ الكبير هو عبارة عن لوحة بعنوان "امبراطورية الضوء" التي تصور شارعاً مهجوراً وسط ظلام الليل يضيئه عمود إنارة وتعلوه سماء في وضح النهار. واللوحة هي سلسلة من ثلاث لوحات زيتية أنجزها الفنان وقد بيعت هذه اللوحة بأكثر من مليون دولار، ما شكل رقماً قياسياً لهذا الفنان، إذ تنافس على هذا العمل اثنان من محبي جمع الأعمال الفنية.
والمبلغ الذي بيعت به هذه اللوحة هو الأعلى الذي يتم دفعه لشراء عمل فني سريالي في مزاد فني، الأمر الذي جعل من ماغريت الفنان السادس عشر الذي يكسر حاجز المئة مليون دولار. ومن بين الفنانين السرياليين الذين بيعت أعمالهم بمئة أو أكثر من مليون دولار: "ليوناردو دافنشي، وغوستاف كليمت، وأميديو موديلياني، وآندي وارهول، وجان ميشيل باسكيا، وفرانسيس بيكون، وبابلو بيكاسو". ولم يتمكن أي فنان على قيد الحياة، حتى الآن، من بيع أي عمل فني له بهذه القيمة المالية.
رسم ماغريت هذه اللوحة، التي يبلغ ارتفاعها خمسة أقدام، بين عامي 1949 و1954 وهي آخر عمل فني من بين تسعة عشر عملاً، تم بيعه عبر مزاد كرستي بهذا السعر، وهي من مجموعة المصممة وصاحبة الأعمال الخيرية ميكا ايرتيغون. كما أن اللوحة هي النسخة السابعة عشرة من اللوحات التي يتناول فيها ماغريت الموضوع نفسه وبالألوان الزيتية. وكانت المصممة ايرتيغون قد اقتنت هذه اللوحة عام 1968 وهي أول لوحة من سلسلة لوحات تتضمن رسم المياه في مقدمته.
ويقول المؤسس المشارك لإحدى القاعات الفنية في بلجيكا باولو فيدوفي: ربما تكون لوحة ماغريت هذه هي أفضل لوحة ويبدو أن المهتمين بجمع اللوحات الفنية يسعون إلى امتلاك أي عمل من أعمال هذا الرسام الشهير. ويوصف فيدوفي بأنه مختص بأعمال ماغريت وعدد من رسامي القرن العشرين.
تتناول أعمال الرسام ماغريت مواضيع تخص الحياة اليومية، كما أنه يعمل مـن خــلال لوحــاته على استكشاف
الحدود بين الواقع والوهم.
تأثر ماغريت في بعض لوحاته بوظيفتي والديه حيث كان والده ليوبولد خياطاً بينما كانت والدته ريجينا صانعة قبعات، لكنها هربت ذات ليلة، وعثر على جثتها لاحقاً في نهر قريب بعد أن غرقت. كان ماغريت يافعاً لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره حينما شهد سحب جثة والدته من النهر، وقد غطى ثوبها وجهها ليصبح هذا المنظر، فيما بعد، موضوعاً للعديد من لوحاته خلال عشرينيات القرن الماضي، حيث صورت لوحاته الناس بقطعة قماش تغطي وجوههم.
يعد مزاد كرستي الذي أقيم مؤخراً الرئيس الثاني الذي يضم مجموعة لوحات ايرتيغون، بالإضافة إلى خمسة وخمسين عملاً فنياً يعود تاريخها للقرن العشرين وذلك بعد ركود شهدته تجارة الأعمال الفنية. وقد أسهم ارتفاع أسعار الأسهم وتقليص الضرائب في تشجيع الأغنياء من محبي جمع اللوحات على إنفاق الملايين من أموالهم في مزادات الأعمال الفنية.
ويشير تقرير الصحيفة إلى انتعاش سوق المزادات الفنية بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية. فبالإضافة إلى مزاد كرستي، شهد مزاد ساوثبي الفني قبل أيام عدة بيع خمسة وعشرين عملاً فنياً وصلت قيمتها إلى مئتين وستة عشر مليون دولار بعد أن كانت التوقعات تشير إلى أن قيمة هذه الأعمال قد تصل إلى مئة وسبعين مليون دولار.
ومن بين الأعمال التي بيعت في هذا المزاد لوحة مائية للرسام الفرنسي كلود مونييه بسعر 66 مليون دولار تقريباً، وهي القيمة الأعلى من بين الأعمال المباعة عبر ذلك المزاد، بينما لم يتمكن المزاد نفسه من بيع لوحة للرسام هنري ماتيس بعد أن كان من المتوقع أن تصل قيمة هذا العمل إلى اثني عشر مليون دولار.
وكما هو الحال مع مزاد ساوثبي، أقام مزاد كرستي مزادين متتاليين وصلت فيهما قيمة مجموعة ايرتيغون فقط إلى 184 مليون دولار مقابل القيمة التقديرية لهذه الأعمال وهي 140 مليون دولار. وقد وجدت جميع الأعمال المعروضة في هذا المزاد طريقها للبيع.
وسجلت مجموعة ايرتيغون الفنية رقماً قياسياً بالمبيعات، بينما تنافس ستة مشترين على إحدى لوحات ماغريت التي بيعت أخيراً بقيمة 19 مليون دولار، وهو ضعف القيمة التقديرية لهذا العمل. ومن الأعمال الأخرى التي شهدت منافسة كبيرة لوحة تمثل محطة غاز للفنان الأميركي إدوارد روشا التي أنجزها عام 1964 حيث بيعت بمبلغ 68 مليون دولار بعد أن كانت قيمتها التقديرية خمسين مليون دولار.
عن صحيفة نيويورك تايمز الاميركية