الدكتاتور جبان

الصفحة الاخيرة 2024/12/17
...

د. علاء هادي الحطاب

لو لم يكن الدكتاتور، أي دكتاتور، جبانا ويخاف من شعبه وأي رأي مخالف لرأيه وعمله، لما كان دكتاتورا، يعتقل ويقتل أي مخالف له خشية تهديدهم لسلطته وسلطانه، من خلال رأي وكلمة أو ربما من خلال فعل وسلوك، لذا يحيط الدكتاتور نفسه بحاشية على شاكلته، يغدق عليهم الخيرات والامتيازات ليصبح بذلك ولي نعمتهم، فيدافعون عن تلك الامتيازات من خلال دفاعهم عنه، مهما كلف الأمر من دماء وأرواح المخالفين له.
صدام حسين كان دكتاتورا بامتياز، أحاط نفسه بحاشية من حزبه وعائلته وبعض عشيرته، وأوغل في سفك الدماء على الظن والشبهة، وعندما جد الجد واقتربت ساعة زوال حكمه، بدأ يوجه أتباعه وحاشيته باستمرار مقاومة إزالته عن السلطة، وظهر بمظهر الثابت القوي، لكن النتيجة أنه اختفى وتخفى بحفرة قذرة في مزرعة بقرية نائية، يستنشق فيها الهواء بصعوبة بالغة، ويقضي حاجته قرب سريره، ولم يستطع حتى أن يغسل وجهه فقط بالماء، بينما كان بعض حاشيته يجوبون الشوارع يقاومون الاحتلال الذي أسقطه في عمليات شبه انتحارية، حتى انتهى طغيانه بإخراجه من تلك الحفرة القذرة كما الجرذ الذي تتم محاصرته، بل إن الجرذ أفضل حالا منه، إذ يقاوم حتى الرمق الأخير قبل الإمساك به، وهذا دليل صارخ على جُبنه وخوفه من مواجهة مصيره.
كذلك بشار الأسد الذي هرب بطريقة أخفاها عن أقرب مقربيه ومساعديه، بل وحتى عن أخيه، ونقلت وكالة رويترز عن مقربين من الأسد، أنه قبيل ساعات من هروبه، اجتمع مع القادة الأمنيين وطلب منهم الصمود، وأبلغ مستشارته الإعلامية بتهيئة خطاب يلقيه على أنصاره يطالبهم فيه بالصمود، لكنه في الواقع خرج من اجتماعه الأخير الذي طالب فيه قادة المؤسسة العسكرية بالصمود إلى المطار للهروب متخفيا، بعد أن أرسل عائلته لخارج سوريا، تاركا حزبه وجمهوره بل وحتى حاشيته وبعض مقربيه في حيرة من أمرهم، وضاقت بهم الأرض بما رحبت.
وكنت قد شاهدت مقطعا صغيرا من مقابلة تلفزيونية له، يصف فيها من يترك بلده وقت الشدائد ويهرب بالجبان، وكأنه كان يصف حاله.
الملتحف بغير شعبه عريان، والمتغطي بحاشيته مكشوف، والدكتاتور حتما جبان.