صفاء عبد الهادي
في سنوات الدراسة، ثمة مواقف نادرة بقيت عالقة في ذاكرتنا، وترسخت أكثر فأكثر كلما مرت الأيام والسنين. ومن بين تلك المواقف، وفي إحدى الحصص الدراسية، اختار مدرّس مادة اللغة العربية، (أستاذ عبد الواحد)، أن يضيف لمسة من المرح لكسر الروتين والتخفيف من حالة الملل التي سيطرت على الأجواء في نهاية يوم دراسي. فألقى حينها على مسامعنا كلمة "أوي" التي كانت شائعة بين النساء والفتيات للتعبير عن حالة من الضيق أو رفض أمر ما.
تفاعل جميع الطلاب مع هذه الكلمة، وبدؤوا يتبادلون الأحاديث الطريفة حولها، قبل أن يعود الأستاذ إلى الموضوع الرئيسي للدرس، وهو حروف العلة. وفي لحظة من التوازن بين الجد والمزاح، شرح لنا كيف أن كلمة "أوي" تتكون من ثلاثة حروف، هي نفسها حروف العلة التي تتميز بقاعدة لغوية هامة في اللغة العربية.
اليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق اليوم، يعدُّ فرصة لمراجعة ذواتنا والوقوف على واقع لغة الضاد، التي تشهد تراجعاً خطيراً.. إذ نلاحظ أن الأخطاء اللغوية قد انتشرت بشكل مقلق، فالكثير منا لم يعد يميز بين الضاد والظاء، أو بين التاء المفتوحة والمربوطة، بل وربما بين الهاء والتاء في نهاية الكلمة.
اللغة، التي كانت ومازالت تحمل عبق الحضارة والتراث، أصبحت اليوم في مواجهة تأثيرات العولمة واللغات الأجنبية. هذا الواقع يستدعي منا جميعاً الحفاظ على رصانة وجمالية اللغة العربية كما احتفظنا في ذاكرتنا بكلمة "أوي".