علي الخفاجي
يمر العالم اليوم ونتيجة التقدم الكبير في مجالات الحياة المختلفة بثورة غير مسبوقة من الديناميكية المتسارعة بفعل العولمة وتداعياتها، ونتيجة لذلك التطور على مختلف الاصعدة والمستويات، والتي وحسب وصف (ايلون ماسك) بان العالم وخلال السنوات القليلة القادمة، سيكون اشبه بالماكنة المتسارعة يجب على الناس معرفة استخدامها، لعل هذا التعبير المجازي فيه من الرسائل الكثيرة التي تختصر ما ستـــؤول اليه الامور، بالطبع أن الرؤية المستقبلية للعالم فيها الكثير من المفاجآت وتحمل بين طياتها الكثير من الغموض والأمور غير المتوقعة ولا يستطيع بطبيعة الحال أي محلل سياسي أو قارئ طالع أو حتى المنجمين من التكهن لما سيجري لأنه وحسب ما ذكر في المأثور بأن العالم يقف على قرني ثور فيه من العجب العجاب.
في ظل ما أشرنا اليه، شهد العالم تصارعا كبيرا وبالأخص بين أقطابه المعروفة الولايات المتحدة الاميركية من جهة وروسيا من جهة أخرى وكل منهما يسعى لاستقطاب الدول لضمها إلى كنفهِ بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، في محاولة منهم لشيطنة الطرف الاخر للسيطرة على الاقتصاد العالمي كمنظومة مهمة بل ذات اهمية قصوى، الحديث عن تشنج العلاقات الاميركية ــــــ الروسية لم يكن وليد اللحظة ،بل بدأ ابان الحرب العالمية الثانية حينما قامت الولايات المتحدة وبمساعدة بريطانيا بالتدخل العسكري في روسيا ومنذ ذلك الحين امست العلاقات بين البلدين متقاطعة إلى حد كبير، واستمرت هكذا إلى أن استطاعت روسيا بالدخول إلى قارة آسيا، مستخدمة الاقتصاد كوسيلة لجذب الحلفاء إلى معسكرها، وتم ذلك من خلال التحالف مع الصين والعزف على وتر أن كلا البلدين من ضمن المعسكر الاشتراكــــي وبالتالي يجمعهما هدف واحد، وهو الوقوف بالضد من الامبريالية العالمية والمتمثلة بالولايات المتحدة الاميركية، ومشت بهذا المشروع إلى أن ضمت الهند ضمن هذا المعسكر، مستخدمة ذات الذريعة لأنها خير وسيلة للجذب، وبمرور السنون أعلنت روسيا عن منظمة دولية تسعى لكسر هيمنة القطب الأوحد المتمثل بأميركا، غاية المنظمة هو عدم التدخل بشؤون الدول والمساواة والمنفعة المتبادلة، بعد أن طرحت فكرة انشاء هذه المنظمة وكانت في بداياتها مجرد فكرة طرحت من قبل احد المفكرين الروس إلى أن تمت مناقشتها والإعلان عنها في عام 2009 وسميت بمجموعة (بريكس) وضمت كلا من ( روسيا والصين والبرازيل والهند) وبعدها أعلنت صاحبة أقوى اقتصاد في افريقيا وهي دولة جنوب افريقيا الانضمام اليها، بين الحين والآخر يتم التطرق إلى هذه المجموعة، وما ستقدمه للعالم خصوصا اذا ما علمنا أن تلك المجموعة تضم تقريبا 45 بالمئة من سكان العالم، حيث حددت أهدافها وبدأت تناقش فكرة اصدار عملة خاصة بالمجموعة وامست الكثير من الدول تتسابق للانضمام لعضوية تلك المجموعة، بدأت الولايات المتحدة الاميركية تحس بخطر تلك المجموعة وما ستفعله من خلال جر البساط الاقتصادي منها، شنت منذ حينها الحرب المعلنة على تلك المجموعة وبدأت تشكك بنواياها وهذا ما تم التطرق اليه على مدى السنوات الماضية إلى أن اعلن ترامب وقبل ايام وبشكل صريح الوقوف بالضد من مشروع بريكس، وكما حذر الدول التي ستتعامل مع هذه المنظمة بفرض رسوم جمركية بنسبة 100 بالمئة، في الوقت الذي يترقب العالم موعد تنصيب السيد ترامب لمقاليد الحكم في 20 كانون الثاني المقبل والوعود، التي اطلقها منذ ترشحه للرئاسة من خلال اعلانه الحرب على الهجرة غير الشرعية ومنعه للرحلات الجوية، التي تجلب المهاجرين إلى الولايات المتحدة وكذلك تعهده بإنهاء الحرب الاوكرانية ـــــ الروسية وكذلك إنهاء الحرب على غزة، يبقى ملف بريكس من الملفات المهمة التي شغلت الراي العام الاميركي وبدأت تثار في الإعلام بشكلٍ مكثف على أنها قضية ترامب الرئيسة.