من الأمل والرغبة بالحياة إلى الحزن والانكسار

ثقافة 2024/12/30
...


 يفيغينا سايكوس

 ترجمة: كريمة عبدالنبي

استضافت قاعة بالانت للفنون في لندن معرضاً فنياً للرسامة البريطانية دورا كارينغتون (1893-1932) وهو الأول منذ ثلاثين عاماً. يضم المعرض عدداً من الأعمال  الفنية لهذه الرسامة قدمت من خلالها تجربتها الفنية التي تراوحت بين المناظر الطبيعية التي عكست الإحساس المرهف لها واللوحات التي أظهرت من خلالها مسحة من الحزن.

ضم المعرض الذي أقيم تحت عنوان "دورا كارينغتون: ما بعد بلومزبري" أكثر من مئة عمل من أعمال هذه الرسامة ومصممة الديكور. والرسامة معروفة للجميع كونها عضواً في جماعة بلومزبري ولعلاقتها المعقدة مع الكاتب لينون ستراتشي وهو أحد المنتمين لهذه الجماعة.

انتمت الرسامة إلى "جماعة بلومزبري" نسبة إلى اسم مقاطعة وسط لندن تغطيها حدائق تحيط بها منازل أنيقة. انضّم إلى هذه الجماعة مجموعة من الكتاب والفنانين والمثقفين عرفوا بالعمل الدؤوب والتناغم فيما بينهم.

عبر المدخل الرئيسي للمعرض يرى الزائر لوحة للرسامة دورا كارينغتون بريشة الفنانة أليس ميكنوت (1886 - 1987) التي تصور كارينغتون بهيئة فتاة شابة خجولة.

لعبت علاقة كارينغتون مع مارك غيرتلر، واحدا من رواد الفن المعاصر ضمن مدرسة سليد للفنون، دورا في صقل وتنمية فنها خلال المراحل المبكرة من حياتها الفنية. وفي المعرض الحالي، يمكن للزائر أن يرى لوحاتها وقد وضعت جنبا إلى جنب مع لوحات غيرتلر حيث تعكس لوحاتهم أوجه التشابه من خلال الأسلوب والمواضيع. وتتصدر المعرض لوحة للرسامة كارينغتون بعنوان"السيدة بوكس" أنجزتها الرسامة عام 1919، والثانية لوحة تمثل والدة هذه الفنانة وهي بريشة مارك غيرتلر أنجزها الرسام عام 1913. واللوحتان تعكسان الأسلوب الفني الذي تميز به هذان الفنانان عن غيرهما. وقد وصف المدرس الخاص في مدرسة سليد للفنون مجموعة الطلاب المنتمين لهذه المدرسة ومن ضمنهم كارينغتون وغيرتلر بـ "أزمة تألق". وضم المعرض رسما تخطيطيا لكارينغتون يمثل سرقة فينسينزو بيروجيا للوحة الموناليزا من متحف اللوفر في وضح النهار عام 1911. كما يضم المعرض عدداً من الصور المبهرجة لكارينغتون التي عرضتها للبيع آنذاك لغرض الحصول على المال، بالاضافة إلى عدد من الأعمال الفنية 

التي عكست طرافة وخفة هذه الفنانة.

وقد تم تخصيص قاعة ضمت لوحات للرسامة كارينغتون عكست "رحلات، أصدقاء ومداعبات" هذه الفنانة والتي عكست براعتها وكفاءتها من خلال رسم المناظر الطبيعية التي مثلت الأكثرية من بين أعمالها الفنية. ومن بين هذه الأعمال منظر طبيعي بعنوان "حقل واتينلاث " أنجزته في عام 1921، بالإضافة إلى عمل يمثل منظرا طبيعيا لجبال إسبانيا يعود لعام 1924 الذي عكس الريف الأندلسي. وضمت أعمالها المعروضة لوحة بعنوان "ليونورا" وتمثل إحدى السيدات لكنها لا تمت بأي صلة قرابة 

للرسامة. وضعت كارينغتون حدا لحياتها بعد شهرين من وفاة مؤسس جماعة بلومزبري ستراتشي عام 1932 بعد أن أثرت وفاته كثيرا في حياتها وأصابتها  بنوبة حزن كبيرة. وتعد اللوحة التي رسمتها كارينغتون عام 1916 والتي تمثل ستراتشي وهو يقرأ كتابا تعبيرا صادقا عن مدى حبها لهذا الرجل. وعندما حلت أعياد رأس السنة لعام 1917، كتبت كارينغتون في مذكراتها تقول "هذه ليلة رائعة وأنا سعيدة جدا.. اتمنى أن استمر بالعمل على رسمك أي (ستراتشي) كل أسبوع".

كانت الفنانة كارينغتون بالأصل مصممة ديكور وقد إلتحقت بمدرسة سليد للفنون عام 1910 وبدأت بعرض أعمالها كفنانة محترفة بحلول العام 1913 في أحد نوادي الفنون البريطانية. ثم انتقلت بعد ذلك للعيش وسط مدينة هامبشاير حيث واصلت رسم اللوحات لسنوات عديدة. لكنها توفيت منتحرة عام 1932 باستخدام مسدس استعارته من صديقها. بالإضافة إلى أعمال كارينغتون، يضم المعرض عددا من أعمال الرسامة والنحاتة البريطانية ماغي هامبلينغ. وقد عرضت أعمالها تحت عنوان "ليلة العندليب". وقد استوحت هامبلينغ، البالغة من العمر 79 عاما، أعمالها من ليلة قضتها هذه الفنانة داخل إحدى الغابات عام 2023 حيث كانت تستمع إلى صوت طائر العندليب. وكانت هامبلينغ تستمتع بصحبة الموسيقي سام لي الذي تجول معها وسط ممرات هذه الغابة في هذه الليلة بينما كانت أسراب طائر العندليب سالكة طريق عودتها من الساحل الأفريقي.

من خلال أعمالها، جمعت هامبلينغ بين تاريخ فن القرن الثامن عشر والفن المعاصر. وكانت صور لوحاتها تشتمل على أسراب طائر العندليب وهي تحلق بين أغصان الغابة المظلمة حيث عكست أصوات هذه الطيور عبر استخدام الإشارة واللون. 


عن صحيفة الديلي تلغراف البريطانية