حصاد 2024 الوفير

ثقافة 2024/12/30
...

علي حمود الحسن    




يمكن القول إن السينما التي ألهمت القرن العشرين بوصفها الفن الأبرز، لا سيما في نصفه الأخير، سادت قرننا الحالي من دون منافسة، وذلك لأنها الفن الأكثر تفاعلاً مع المتغيرات التقنية، وإذا كانت دور العرض السينمائية تراجعت وصارت محض ذكرى ضاجة بالحنين، لصالح تشظي الشاشات التي وصلت إلى حد يمكن أن يرتديها المشاهد في خوذته أو نظارته ليرى فيلمه المفضل، وبذلك يمكن القول إن صناعة الأفلام تجدد نفسها بابتكار دائم. وهذا المدخل ضروري لالقاء نظرة على حصاد السينما العالمية والعربية والمحلية في العام 2024الذي لا تفصلنا عن نهايته سوى ساعات. يمكن القول إن 2024 عام سينمائي ذهبي، فبالإضافة إلى أفلام المهرجانات الكبرى في كان: (أنورا) لشون بيكر، والأوسكار: (اوبنهايمر) لكريستوفر نولان والبندقية (الغرفة المجاورة) للمودوفيار، شهدت صالات العالم أفلاماً حققت إيرادات هائلة على صعيد شباك التذاكر، وأيضاً على الصعيد الفني منها:  (الكثيب 2) الذي يتحدث عن المنقذ، وفيلم الرسوم المتحركة (من الداخل إلى الخارج 2)، و(ثنائي غير تقليدي)، و(رحلة إلى المحيط)، ومعظم هذه الأفلام حققت إيرادات تجاوزت المليار، كما شهد العام المنصرم إخراج أجزاء ثانية من أفلام حققت نجاحاً كبيراً وقتها، والمفارقة أن الأجزاء الأولى تفوقت على الثانية، رغم أن المخرجين نفسيهما من أخرجا الجزأين، كما في (الجوكر2) لتود فيلبس و (المصارع) لريدلي سكوت،  وشاهدنا في العام 2024 رائعة مارتن سكورسيزي "قتلة زهرة القمر" الذي رد فيه الاعتبار لسكان أميركا الأصليين، بل أدان اليهود بشكل واضح واتهمهم بتصفيتهم، ربما هذا يفسر خروج الفيلم من كل المسابقات السينمائية بلا جوائز، وحقق كابولا حلمه العتيد بإخراج فيلمه "ميغالوبوليس" الذي انتظر أكثر من عشرين عاماً لإنجازه، لكنه استقبل بفتور  ولم يحقق الإيرادات المرجوة، وألقت التطورات المذهلة في الذكاء الاصطناعي بظلالها على هوليودد بالذات، إذ أضرب (شغيلة) السينما وتسببوا بأزمة إنتاجية انتهت بخسارة هوليوود أكثر من 10 مليارات دولار ووقبول مطالب المضربين.

عربياً تصدرت مصر قائمة الدول العربية الأكثر إنتاجاً، إذ بلغ عدد الأفلام المنتجة أكثر من 40 فيلماً، معظمها أفلام كوميدية وتجارية وبعضها حصل على جوائز وشارك في مهرجانات عالمية، ويأتي المغرب في المرتبة الثانية، ثم السعودية التي شهدت انطلاقة سينمائية غير مسبوقة، محلياً ما زالت معظم أفلامنا تعتمد على جهود فردية وإن استطاعت الوصول إلى المهرجانات العالمية والعربية، و يعمل سينمائيون شباب على تحقيق إنجازات، لكنها جميعاً لا تصب في بلورة صناعة سينمائية تنتج وتسوق أفلامها. ولم يمر عام 2024من دون أوجاع، إذ رحل عن عالمنا الفاني فنانون تركوا أثراً في مسيرة السينما العراقية منهم الممثل القدير عبد الستار البصري، والفنان حمودي الحارثي، والمخرجون: قيس الزبيدي وعبد الهادي الراوي، و كامل قادر.

  سنة أخرى مقبلة وما زال الفن السابع يجمل وجه كوكبنا الذي قبحته الأزمات.