كتب رئيس التحرير:
بديهيّ أنَّ هويَّة الجيوش تابعة لهويَّة الأنظمة التي تُسيِّرها، وتاريخ جيشٍ ما هو عين تاريخ مَنْ يستخدمه ويستثمره، لكنَّ هناك مواقف مفصليَّة حاسمة هي التي تكشف عن شجاعة هذا الجيش وبسالته ومهنيته، وهي مواقف عابرةٌ لنوع النظام وشكله وتوجّهه، بل تظلّ راسخة بوصفها سمة من سمات الجيش المكوِّنة له.
ونحن إذ نحتفل يوم غدٍ بتأسيس جيشنا العراقيِّ الباسل، نستذكر مواقف كهذه رسمتْ ملامح جيشنا ليس في أذهان العراقيين وحسب بل عند العرب بعامَّة.
منتصف تسعينيات القرن الماضي أجريتُ حواراً مع وزير الدفاع السوريِّ الأسبق العماد مصطفى طلاس وكان حديثه عن أبرز ما يُميّز الجيوش العربيَّة، ولأنَّ بعض الحاضرين عراقيون "وأنا منهم" خصَّ الجيش العراقيَّ بالنصيب الأكبر من حديثه. أذكر جملته التي قالها: لولا جيشكم لكانتْ دمشق مدينة محتلّة.
مواقف كهذه ستظلُّ شاخصة ومدعاةً للفخر برغم أنَّ النظام كان دكتاتورياً فاشياً، وألحق بالجيش ما ألحقه بالعراق كلّه من عسفٍ وظلمٍ وركوب مغامراتٍ غير محسوبة النتائج عادتْ على وطننا وجيشنا بالويلات.
واليوم إذ أصبح الجيش العراقيُّ مقتصراً على مهمّته الوحيدة والمقدّسة التي هي الدفاع عن العراق دولة وشعباً وسيادةً ومقدرات، تُسيّره قيادة تنشد السلام مع محيطها والعالم، فإنّه يعود إلى الهدف الأول الذي أنشئ من أجله قبل مئةٍ وأربع سنواتٍ والمتمثل بحماية
الوطن.
تحيَّة لبواسل جيشنا الذين سجّلوا مآثرهم بأحرفٍ من نورٍ في وجدان العراقيين والعرب.