الشرطة العراقية.. 103 أعوام من التضحية والعطاء

العراق 2025/01/09
...

 بغداد: نور نجاح عبد الله

 تصوير : علي قاسم 

في ذكرى تأسيس الشرطة العراقية، نحتفل بـ103  سنوات من العطاء المستمر والتضحيات التي قدمتها قوى الأمن الداخلي، التي كانت وما زالت درعا واقيا للمواطن والوطن. على مر هذه الأعوام، تمكنت الشرطة العراقية من تجاوز العديد من الظروف الأمنية الصعبة والمواقف القاسية، في مواجهة التحديات الأمنية المحلية والإقليمية، مدفوعة بعزم لا يلين وإرادة صلبة. واليوم، وبينما نحتفل بهذه الذكرى الميمونة، نسلط الضوء على ما حققته قوى الأمن الداخلي من تطورات ملحوظة في مختلف المجالات التي تخدم المواطن العراقي، وتضمن الأمن والاستقرار المجتمعي.


تطورات قوى الأمن الداخلي:

على مر السنوات، شهدت قوى الأمن الداخلي العراقية تطورًا كبيرًا في مختلف مهامها، إذ لم تقتصر مهمتها على حماية الأمن وحفظ النظام فقط، بل امتدت لتشمل جوانب متعددة من حياة المواطن اليومية، لاسيما في توفير الخدمات الأساسية، وتسهيل الإجراءات الإدارية، مما جعلها جزءا أساسيًا من الحياة اليومية للمواطنين.

العقيد المتقاعد عبد الله خضير، الذي أمضى سنوات طويلة في الخدمة، يرى أن الاحتفال هذا العام بعيد الشرطة يختلف عن الأعوام السابقة، فبالإضافة إلى تحقيق إنجازات أمنية لافتة، شهدت وزارة الداخلية خلال الفترة الأخيرة تحولًا نوعيًا في مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين. 

وأشار إلى أن الوزارة استطاعت بفضل جهودها الكبيرة في مختلف مجالات العمل الأمني والخدمي، أن تحقق نجاحات واضحة على الأرض في مكافحة الإرهاب، ومنع انتشار الجريمة، وتنظيم حركة المرور، إضافة إلى إصدار الوثائق مثل البطاقة الوطنية وجوازات السفر.

وأكد خضير في حديثه لـ "الصباح"، أن المهام المجتمعية التي تقوم بها الشرطة لم تعد تقتصر فقط على مواجهة الجرائم التقليدية، بل تعدتها إلى التعامل مع القضايا المجتمعية الحساسة، مثل مكافحة المخدرات ومكافحة تهريب النفط، ما يعكس التطور الكبير في فلسفة وأداء عمل الأجهزة

 الأمنية.


مكافحة المخدرات..

 تحديات وآفاق جديدة

في ظل تصاعد ظاهرة تجارة المخدرات وتفشي تعاطيها في بعض مناطق البلاد، كانت وزارة الداخلية من أوائل المؤسسات التي تصدت لهذه المشكلة الكبرى، إذ تُعد ظاهرة المخدرات تهديدًا للأمن المجتمعي والصحة العامة، ما دفع الجهات الأمنية إلى تكثيف الجهود لمحاربتها.

حسين التميمي من إعلام مديرية مكافحة المخدرات، أشار لـ"الصباح"، إلى أن الوزارة نجحت في تحقيق تقدم واضح في هذا المجال، إذ تمكنت العام الماضي من ضبط 6 أطنان و183 كيلوغرامًا من المواد المخدرة من مختلف الأنواع. 

كما تم القبض على أكثر من14  ألفا من تجار ومتعاطي المخدرات. وأضاف التميمي أن وزارة الداخلية لم تقتصر جهودها على مكافحة التجارة والتعاطي فقط، بل عملت على تأهيل المدمنين من خلال افتتاح 15 مركزًا خاصًا لتأهيل المتعاطين والمدمنين، بهدف مساعدتهم على التعافي من هذه الآفة.

وقال التميمي: "نجحنا أيضًا في إعادة دمج 3000 شخص متعافٍ في المجتمع بعد تأهيلهم وتوفير الدعم اللازم لهم. هذا التوجه يعكس الجهود المبذولة لتحسين نوعية الحياة للمدمنين والعمل على إدماجهم من جديد في المجتمع كمواطنين صالحين."


تحديات معالجة أزمة المرور

مع تزايد عدد السيارات في المدن وازدياد الاختناقات المرورية، أصبح من الضروري تحسين مستوى إدارة المرور. 

لقد أكدت مديرية المرور العامة، بقيادة اللواء عدي سمير، أن المديرية تعمل بشكل مستمر على تطوير وتحسين النظام المروري في البلاد، سواء في الشوارع أو في الإجراءات الخاصة بتسجيل السيارات. وأشار سمير إلى أن المديرية قامت بتعزيز مواردها البشرية في الشوارع لتوفير الأمان وتسهيل حركة المرور، إضافة إلى توجيه الاهتمام إلى تطوير العمل الإلكتروني في مراكز التسجيل لتسريع إنجاز معاملات المواطنين. 

كما أكد أن المديرية تسعى جاهدة لتقديم خدمات أفضل بشكل مستمر.


بناء الثقة والتفاعل

 مع المجتمع

الشرطة المجتمعية تعد من أحدث التطورات في العمل الأمني في العراق، وقد أثبتت قدرتها على بناء علاقة إيجابية بين الشرطة والمواطنين.  العميد علي عجمي رسول، مدير الشرطة المجتمعية، تحدث عن الدور الكبير الذي تلعبه في تعزيز الاستقرار المجتمعي، موضحًا أن هذه المديرية تسعى لبناء الثقة بين رجال الأمن والمجتمع، وهو ما يسهم بشكل كبير في تعزيز السلم المجتمعي. وأوضح رسول في حديثه لـ"الصباح"، أن الشرطة المجتمعية نجحت في تحسين العلاقة بين المواطن ورجل الأمن، إذ أصبح التعاون بين الجانبين أكثر فاعلية في مواجهة القضايا الأمنية والاجتماعية. وأضاف أن من أبرز المبادرات بناء الثقة مع المجتمع، والتفاعل مع القضايا المحلية، والوقاية من الجريمة، فضلاً عن التعاون مع المؤسسات الصحية والتعليمية.  هذه المبادرات تسهم في خلق بيئة آمنة ومستقرة، وتعزز التعاون بين جميع أفراد المجتمع.


الخدمات الإدارية 

والوثائق

في مجال الخدمات الإدارية، شهدت دوائر الأحوال المدنية والجوازات تقدمًا ملحوظًا، خاصة مع اعتماد التقنيات الرقمية في تقديم الخدمات، إذ صرح العميد مُناضل الساعدي، مدير علاقات وإعلام الأحوال المدنية والجوازات والإقامة، بأن المديرية تمكنت من تحقيق إنجازات كبيرة في تسريع الإجراءات الإدارية، بما في ذلك إصدار جوازات السفر التي أصبحت تستغرق وقتًا أقل بكثير مقارنة بالسنوات السابقة. وأضاف الساعدي، أن التسجيل الإلكتروني والتحديث الرقمي للأنظمة سمح بتقليل الفترات الزمنية اللازمة لإنجاز المعاملات، بالإضافة إلى تسهيل عملية السفر عبر البوابات الإلكترونية في المطارات والمنافذ الحدودية.

وأشار الساعدي إلى أن المديرية قدمت أيضًا خدمات للمواطنين في الحالات الإنسانية، إذ تم توفير محطات ومفارز جوالة في المناطق النائية لتسهيل حصول المواطنين على الوثائق الرسمية من دون الحاجة للذهاب إلى المكاتب الرئيسية.


درع الأمان

جميع هذه الجهود والخدمات التي تقدمها أجهزة الشرطة والأمن والمؤسسات الخدمية، تضاف إلى المواقف البطولية التي سطرتها قوى الأمن الداخلي في محاربة الجريمة والإرهاب، وما قدمته من تضحيات في سبيل حماية أمن المواطن وسلامته. وهي تذكرنا بكل ما بذله رجال الشرطة من جهد في سبيل تعزيز الاستقرار والأمان، وهو ما يستذكره كل عراقي اليوم، وهو يحتفل في ذكرى تأسيس الشرطة.