برلمانات آسيا تشيد بدور العراق المحوري لتحقيق الاستقرار والسلام

الثانية والثالثة 2025/01/12
...

 بغداد: مهند عبد الوهاب 

 برعاية رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، عقدت اللجنة الدائمة للشؤون السياسية للجمعية البرلمانية الآسيوية، أمس السبت، اجتماعها الاعتيادي في العاصمة بغداد، بمشاركة ممثلي 14 دولة، وبحث الاجتماع تطورات المنطقة والعدوان الصهيوني على فلسطين ولبنان والمتغيرات في سوريا، وغيرها من تطورات مهمة، لرفع مشاريع قرارات بشأنها إلى رئاسة الجمعية العامة التي ستعقد اجتماعها في شهر شباط المقبل في العاصمة الأذربيجانية باكو.

وأشاد أعضاء وفود الدول المشاركة بالدور المحوري للعراق وتحركاته الدبلوماسية في سبيل تعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة والإقليم، خصوصاً موقفه المبدئي والثابت في دعم القضية الفلسطينية.


مرحلة حساسة

وأفاد بيان للدائرة الإعلامية بمجلس النواب تلقته "الصباح"، بأنه في مستهل الاجتماع أوضح رئيس مجلس النواب محمود المشهداني في كلمة ألقاها نيابة عنه عضو لجنة العلاقات الخارجية النائب جبار الكناني، أن الوضع الراهن اليوم يمر بمرحلة خطيرة وحساسة تعصف في الشرق الأوسط، يتم فيها تجاهل المبادئ والمفاهيم الأساسية للمواثيق والأعراف الدولية مثل السيادة والسلامة الإقليمية، وحق تقرير المصير وحق العيش بكرامة، إضافة إلى انتهاك القوانين الإنسانية والقانون الدولي الإنساني ومسؤولية الحماية والتعاون المتعدد وقوانين الحرب وسط نظام دولي مبهم قائم على ازدواجية المعايير والمصالح، ويفتقر إلى توفير الحماية الدولية والعدالة وصولاً إلى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، مشدداً على ضرورة العمل بجدية بهدف إصلاح المنظومة الدولية، وإعادة النظر بفعاليتها بما يخدم مصلحة الأجيال المقبلة ويحقق أهداف التنمية المستدامة.

وأضاف أن "ما يحدث في فلسطين اليوم من مجازر وإبادة جماعية يرتكبها الكيان الصهيوني الغاشم بحق المدنيين الأبرياء يعدُّ سابقة خطيرة لم يحدث لها مثيل في العصر الحديث"، لافتاً إلى أن "قتل آلاف الأطفال والنساء وقصف المستشفيات وملاجئ النازحين وقطع المساعدات الإنسانية وقتل موظفي الإغاثة والتجويع الجماعي المتعمد، وتجمُّد الأطفال في البرد القارص لَمناظر يندى لها جبين الإنسانية ويجعلنا أمام مسؤولية إنسانية كبيرة".


جرائم الكيان

وأضاف رئيس البرلمان أنه "لعدم وجود رادع في كل ذلك واستطراداً بوحشيته وانتهاكاته، شاهدنا عدوان الكيان الصهيوني على لبنان الحبيبة وتدميره للمباني وقتل الأبرياء العزُّل والتفنُّن بجرائم الحرب واستخدام التكنلوجيا لتنفيذ المتفجرات وتدمير البنى التحتية وتهجير المدنيين من الأطفال والنساء"، مشيراً إلى أن "توغل الكيان الصهيوني في الأراضي السورية ينذر بتهديد خطير قد يُغرق المنطقة بصراعات وساحات حرب قد تحرق الأخضر واليابس، إذا لم يتم إيقاف ذلك العدوان الوحشي بصورة فورية لا تقبل المساومة كمحاولة لإرساء قواعد السلام الدولي".


دعم فلسطين ولبنان

وتابع، أن "العراق حكومة وشعباً بكل مكوناته وأطيافه وتوجيهات مرجعيته الدينية العليا، يؤكد موقفه الثابت لدعم الشعبين الفلسطيني واللبناني وتقديم أقصى ما يمكن من الدعم المادي والمعنوي"، داعياً "المجتمع الدولي ومؤسساته القانونيــــــة والمنظمات الدولية للعمل الجدي والفعال لوقف الحرب الفوري على غزة وكبح جماح العدوان الصهيوني الغاشم وتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية الملزم بعدم شرعية الوجود الصهيوني على الأراضي الفلسطينية وإحباط مخططاته الخبيثة والتي تهدف إلى تقسيم المنطقة".

كما حذر من الاكتفاء بشعارات الإدانة والاستنكار منبهاً إلى وجوب أن تكون هناك مواقف مسؤولة وخطوات عملية تجاه ما يحصل في المنطقة تجنباً لحرب إقليمية محتمة.

وفي ما يتعلق بالوضع في سوريا، أوضح المشهداني، أن "العراق يجدد حرصه على سلامة الأراضي السورية وحق تقرير المصير للشعب السوري ووحدة أراضيه وحفظ مقدساته واستقلاله بعيداً عن التدخلات الخارجية بما يحقق الاستقرار والازدهار والعيش بكرامة ويبتعد عن التطرف والعنف وتمزيق الصف السوري".

وزاد بالقول: إن "العراق اليوم يعدُّ محور التقاء وتعاون وسلام وبناء وتنمية وازدهار"، مضيفاً أن "العراق تقدم خطوات كبيرة لتحقيق الأمن والانتصار على الإرهاب وإعادة الحياة إلى المدن المدمرة من خلال خطط شاملة للبناء والإعمار والتنمية وتنفيذ مشاريع عمرانية واقتصادية وتنموية كبيرة".


جهود السوداني

كما بين "أننا نسعى إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأن السلطة التشريعية في العراق تعمل جنباً إلى جنب مع السلطة التنفيذية وتدعم جهود الحكومة العراقية في استكمال برنامجها الحكومي وتثني على الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للحفاظ على أمن واستقرار ووحدة العراق من خلال سياسة خارجية ناجحة ومعتدلة".


حلول مناسبة

الأمين العام للجمعية البرلمانية الآسيوية محمد رضا مجيدي، أكد في كلمته، أن "الجمعية تدين ما تقوم به القوات الصهيونية الغاشمة على غزة وتعدّه جريمة من جرائم الحرب الدولية"، فيما قدم التعازي لدول كوريا الجنوبية وأذربيجان بعد الحوادث الأخيرة التي تعرضا لها.

من جهته، أعلن ممثل رئيس الجمعية البرلمانية الآسيوية رئيس وفد أذربيجان، دعم كل الجهود الداعية إلى تخفيف التوتر في المنطقة، وإيجاد حلول مناسبة للقضية الفلسطينية، لافتاً إلى متابعة التطورات في سوريا والتأكيد على وحدة وسلامة أراضيها، كما دعا إلى تكاتف دولي وإقليمي لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه عالمنا وتهدد سلامة أراضينا وأبنائنا، وجدد التأكيد على مبادئ المسؤولية المشتركة والعادلة بين الدول نحو عالم أكثر استقراراً وعدالة تتفاعل وتتوافر فيها فرص التنمية لشعوب العالم كافة.

التعايش السلمي

بدورها، ركزت الوفود المشاركة على ضرورة دعم السلام في المنطقة وتفعيل الدبلوماسية البرلمانية، مع التشديد على أن القارة الآسيوية تشهد العديد من الأزمات والتحديات التي تتطلب التعاون لتجاوزها، إضافة إلى أهمية دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، واحترام القوانين الدولية، والتعايش السلمي مع توجيه الانتباه إلى خروقات الكيان الصهيوني للقوانين الدولية في غزة ولبنان وسوريا، فضلاً عن دعم سوريا واحترام خيارات شعبها وجهود إعادة البناء والاستقرار، لافتين إلى أن المنطقة تعيش ظروفاً صعبة مما يستدعي زيادة التعاون وتضافر الجهود لبناء مستقبل مشرق لهذه القارة، فضلاً عن دعم قرارات البرلمانات الآسيوية التي تصبُّ بمصلحة الشعوب مع تطوير العلاقات البرلمانية بين الدول، وبناء السلام في آسيا، ودعم المنظومة الاقتصادية والتعددية، وتشكيل هيئة برلمانية دولية، كما تم من جانب آخر تسليط الضوء على قضية التغير المناخي وأهمية التعاون الدولي لمواجهتها والتخفيف من آثارها السلبية على الشعوب والاقتصاديات في المنطقة.

ونبّه المشاركون، إلى أن "ما يمكن أن تحققه بلدان قارة آسيا على جميع الأصعدة – لا سيما في الشؤون السياسية - كونها من أكبر قارات العالم وأكثرها تنوعاً وأمتيازها بثروة بشرية هائلة وتنوع مناخي وجغرافي، إذ تعدُّ أدوات تكاملية لها القدرة على إنتاج حكومات تُسهم في رفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي وتؤمن بالقانون والقضاء وحماية الحقوق مدركة لسيادة الدول وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، مع تجديد التأكيد على إيجاد صيغة تُلزم الدول الأعضاء بتطبيق القرارات التي تتخذها الجمعية. 


تطورات المنطقة

إلى ذلك، قال نائب رئيس الجمعية البرلمانية الآسيوية، رئيس الوفد البحريني، أحمد صباح السلوم في حديث لـ"الصباح": إن "الاجتماع بحث في المتغيرات والتطورات في المنطقة بشكل عام، وناقش وجهات النظر بشأنها".

وبيّن أنه "من خلال وجهات النظر تلك؛ يتم التوافق عليها خصوصاً في ظل المتغيرات المتسارعة في المنطقة"، وأوضح أنه "ستجري عملية انتخاب المكتب التنفيذي للجنة داخل الاجتماع الجاري ببغداد، وهو عرف متبع لدينا".

وأشار، إلى أن "الاجتماع الماضي شهد إلغاء أجندته، وتمت فيه مناقشة القضية الفلسطينية، وبالتالي خرجنا ببيان يعكس رأي الدول الآسيوية تجاه القضية الفلسطينية، وفي هذا الاجتماع ببغداد كانت القضية الفلسطينية حاضرة أيضاً في الكلمة الافتتاحية ومناقشة الإجراءات التي يجب اتباعها من ناحية حل هذه القضية". 

ولفت السلوم، إلى أن "اجتماع بغداد تناول الملف السوري، وكذلك انتخاب الرئيس اللبناني الجديد، وبحث الحلول بشكل توافقي للمنطقة"، موضحاً أن "العراق جامع لدول آسيا التي لها ثقلها على مستوى القارة، ومن خلال هذا التجمع والنقاشات سنخرج بمخرجات تناسب حجم المتغيرات في المنطقة"، مقدماً شكره وشكر الوفود الآسيوية للعراق "على جمع الدول الآسيوية المؤثرة ببغداد، حيث بحثت أجندة الاجتماع أبرز المتغيرات على الساحة السياسية، وأعطانا الفرصة لأن نثري تمثيل دولنا بشكل جيد وواضح".

من جانبه، أوضح عضو مجلس الشورى، رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية القطرية الآسيوية، أحمد الهتمي في حديث لـ"الصباح"، أن "اجتماعنا في الجمعية الآسيوية البرلمانية وبالأخص اجتماع اللجنة السياسية سيناقش مجموعة من مشاريع القرارات ليرفعها إلى الجمعية العمومية لاجتماع القادة في شباط المقبل في العاصمة الأذربيجانية باكو"، مبيناً أن "من أهم مشاريع القرارات دعم البرلمانات الآسيوية للقضية الفلسطينية، والتنسيق بين الدول الآسيوية للتعاون لوحدة الكلمة في المحافل الدولية".

وأضاف، أن "من أهم الملفات التي تجري مناقشتها في الاجتماع؛ هي الحوكمة الرشيدة والاقتصاد وازدهار الدول الآسيوية من خلال الصداقة والتعاون فيما بينها، وكذلك عمل البرلمانات الآسيوية ومواكبة المتغيرات الحاصلة في المنطقة".

نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني نائب رئيس لجنة فلسطين في البرلمان الآسيوي علي فيصل، قال لـ"الصباح": إن "الدور الدبلوماسي العراقي مهم جداً في هذه المرحلة من أجل وقف العدوان على فلسطين، ومن أجل التصدي للمشروع الصهيوني التوسعي".

وأضاف أن "العراق لعب دوراً مهماً في دعم القضية الفلسطينية، وسوف تكون هناك لجنة برلمانية تخصُّ قضية فلسطين ستجتمع في بغداد للضغط باتجاه وقف العدوان وانسحاب العدو الصهيوني من قطاع غزة، وعودة أبناء غزة وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينين وتقديم الدعم المادي والسياسي والدبلوماسي على مستوى المجموعة الآسيوية أو في شبكة عدم الانحياز أو حتى في البرلمان الدولي".

وتابع "كلنا ثقة بدعم العراق حكومة وشعباً لاستمرار نضال وصمود الشعب الفلسطيني". 


العلاقات الخارجية

عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية حيدر السلامي قال لـ"الصباح": إن "العراق استضاف اجتماع اللجنة الدائمة للشؤون السياسية للجمعية البرلمانية الآسيوية، وهي إحدى اللجان الدائمة للشؤون السياسية، والعراق رئيس اللجنة الدائمة ونائب رئيس الجمعية البرلمانية الآسيوية".

وأضاف أن "الاجتماع تضمن 8 مشاريع قرارات تهتم بالتنمية والقضية الفلسطينية وأحداث غزة"، مشيراً إلى أنه "ستتم مناقشة مشاريع القرارات وتحديثها ليتم إقرارها في اجتماع الجمعية العامة في أذربيجان باعتبارها حالياً تأخذ على عاتقها رئاسة الجمعية".

وتابع السلامي، أن "اللجنة الدائمة للشؤون السياسية ذات طبيعة سياسية تناقش مواضيع الحكومة، وأهداف التنمية المستدامة ودعوات للحكومات للتقارب في العمل لجعل قارة آسيا أقوى، باعتبارها أكبر القارات وهي غنية بأكبر الموارد البشرية". ولفت إلى أن "الجمعية تهدف لجمع الدول وجعلها توازي القوى الأخرى وهذا يصبُّ في مصلحة شعوب آسيا".