بغداد: رسل عقيل
تصوير: أحمد جبارة
في وسط العاصمة بغداد حيث المكتبات الثقافيّة، هناك من هو باقٍ على بيـع إصدارات لروايات بلغة الضاد، وهناك من أصر على التجديد والتطور، فراح يعرض الروايات الأجنبية المترجمة إلى اللغة العربيّة غاية في التنوع الثقافي والحداثة. فكيف يبدو الإقبال على الروايات المترجمة، وما أهمية وجودها بالنسبة للمتلقين والقرّاء؟
الهوية الثقافيّة
إنَّ "إقبال الناس على الروايات المترجمة التي نوفرها، هو أكثر من غير المترجمة بسبب شهرتها العالية التي تفوق شهرة الروايات العربيّة"، هـذا ما أكده "أسـمر" وهو صـاحب مكتبة فـي شارع المتنبي.
ويضيف أنّ: الروايات المترجمة التي تُباع لدينا هي فلسفيّة بالغالب، مثل "أسطورة سيزيف"، و"الإنسان المتمرّد" وأعمال "البير كامو" بشكل عام، أو أعمال الأدباء العالميين مثل "دوستوفسكي، تشيخوف، بوشكين" وغيرهم مع محاولاتنا للتركيز على الأدب العربي، خصوصاً الروائي منه، إلا أن الأدب الأجنبي في العادة يفرض وجوده بالمكتبة بشكل ملحوظ جداً.
أمـا مهند التميمي، وهو صاحب مكتبة في شـارع المتنبي ولا تعرض غير الروايات العربية، يقول إنّ "الرواية العربية هي من أبرز وسائل التعبير الأدبي التي تحمل في طياتها الكثير من الرموز التاريخية والإنسانية، وتُعبر عن الهوية الثقافية والاجتماعية، لذلك نحن مستمرون في المكتبة بتوفير الكتب العربيّة فـقط"
ويؤكد التميمي أنّ "أهم ما يدفعنا على بيع الروايات العربية من دون غيرها هو قدرة هذه الإصدارات على تقديم قضايا مجتمعية وثقافية تهم الأفراد، على سبيل المثال تسليط الضوء على قضايا الهويات المتعددة، والتحولات الاجتماعية".
النص الأصلي
من جهته، يقول المترجم حسين نهابة ورئيس مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع إن "المحافظة على النص الأصلي ونقله كما هو، هي أهم صفة في المترجم المهني، لأن المترجم عليه مهمة كبيرة، أما أن يحط من المؤلف أو أن يرفع من شأنه، فضلا عن انه يتوجّب عليه معرفة اللغتين والثقافتين حتى اللهجات الدارجة من الضروري معرفتها".
ويضيـف نهابة أنّ "اللجوء إلى القواميس في كثير من الأحيان هو الحل الأنسب للتعامل مع الكلمات غير الدارجة في اللغة العربية".
ويشير إلى أنّ "لكثرة ترجمتي لروايات مختلفة تمكنت من معرفة أن التطلع إلى واقع غير مشابه مع واقعك، والشغف لمعرفة ما وراء المكان المحيط بك هو من يدفع الكثير من الشباب خصوصاً، للجوء إلى روايات مترجمة تعبر عن واقع مغاير تماماً لواقعهم".
اختلاف آراء
في المقابل، يقول المفكر والكاتب حـسين سعدون، إنّ "الروايات المترجمة على نوعين، الأول كلاسيكي لا ينال منه الزمن، مثل أعمال دوستويفسكي أو تولستوي أو فكتور هوجو، وهذا يكون له بريق خاص، وهناك أعمال مترجمة حديثة تناقش قضايا معاصرة عن الحب أو الفشل العاطفي فيكون لها جمهورها".
ويضـيف أنّ "الرواية العراقية والعربية تكاد تكون نخبويّة، أي لها جمهور معين وأن انتشارها يحتاج إلى مناقشة قضايا تهم القارئ والشباب خصوصاً".
أما الكاتب الشاب طارق زياد، فيرى أن تزايد اقبال الناس على الروايات المترجمة نتيجة لشهرة الكتاب الأجانب، خاصة العالميين مثل "فيودور دوستويفسكي وأجاثا كريستي وأنطوان تشيخوف" وغيرهم.
ويشير إلى أن بـعض المكاتب أصبحت تعمل على بيع الروايات المترجمة فـقط، وإهمال الروايات العربية التي تعبر عن ثقافتها، بل وحتى دور النشر اصبحت تهتم للروايات الأجنبيّة أكثر من المحليّة.
وللروائي شوقي كريم وجهته المختلفة وهي أن التعرّف على الفكر الأجنبي يُساعد القارئ العربي في التعرّف على ثقافات وتجارب مختلفة، فضلا عن نقل المعرفة وأيضا فإن الاطلاع على الأدب العالمي قد يُلهم بـعضاً من الكّتاب العرب بأساليب جديدة للتعبير والكتابة.
ويقول إنَّ "تفضيل الروايات الأجنبيّة هو لوجود التنوع في المحتوى والجودة الأدبيّة والفكريّة، فضلاً عن الفضول الثقافي والشغف تجاه ما وراء بيئة القارئ المحيطة".
من جهته، يعتقد الناقد علي سعدون أنّها فرصة يستثمرها الغرب للترويج عن أفكار لا تتناسب مع هويتنا وتأريخنا، من خلال تنوع الاسلوب والكتابة بقضايا تلهم وتهم القارئ.