كربلاء: صلاح السيلاوي
احتفى نادي الكتاب في كربلاء بالروائي علي لفتة سعيد بمناسبة فوز روايته "تاريخ المرايا" بجائزة الإبداع "جائزة الدكتور عبد الرحيم درويش" في مصر.
الأمسية التي أدارها الباحث خليل الشافعي تحدث في بدايتها عن سعيد مشيراً إلى حصوله على أكثر من جائزة في مسابقات عربية عديدة، كان آخرها فوز روايته تاريخ المرايا بجائزة جديدة".
وأضاف الشافعي بقوله إن "سعيدًا يُعدّ واحدًا من الأدباء العراقيين الذين يُشار إليهم بالبنان، وقد حقق حضورًا عربيًّا، وتُرجمت بعض نتاجاته إلى لغات أجنبية، كما صدرت له كتبٌ من دور نشر في بلدان عربية وأجنبية عديدة".
المحتفى به تحدث عن فكرة وتفاصيل روايته، موضحًا أنها تتناول الأحداث التي مرّت على العراق من خلال عائلتين تنتميان إلى مذاهب دينيّة، تتعايشان منذ عقود في مدينة صغيرة. يمتهن الأبوان مهنة بناء الدور السكنية، في إسقاط رمزي على عملية بناء الوطن. الأول له ابن اسمه "جامد"، ينتمي إلى جذور مذهبيّة، والآخر "مسعود"، من جذور أخرى. يُساقان إلى الحرب العراقية-الإيرانية، حيث يبدأ التاريخ الروائي. وعلى الرغم من أنهما لا يتدخلان في السياسة، ولا يهمهما سوى أن لا يصيبهما مكروه من الدولة، إلا أنهما يواجهان تأثيرات الحرب.
كان معهما في الجبهة ابن مدينتهما "مصدام"، وهو شخصية تتحوّل لاحقًا إلى معارضة للحكم، إذ يرفض الحرب والسياسة ويتمكن من الهرب إلى خارج العراق، متنقلًا بين الدول ليستقر في لندن. هناك يشارك في مؤتمر للمعارضة العراقية، حيث يتم الكشف عن بعض الأحداث عبر عينيه. يلقي مصدام في المؤتمر قصيدةً يحذّر فيها الجميع من مغبّة البحث عن المصالح.
جامد ومسعود يكملان الحرب، ثم يعودان إلى العمل مع والديهما في البناء، حيث كان أبو مسعود هو الأسطة، وأبو جامد مساعده. تتحرّك الرواية بين تواريخ عراقية مهمة، حيث يبني الاثنان بيتًا لضابط أمن على ضفة النهر. يطلب الضابط منهما الاستمرار في العمل ريثما يعود من تظاهرات حصلت في النجف على خلفية مقتل مرجع ديني، ليظهر أن لا علاقة لهما بالسياسة أو التظاهرات.
العائلتان تعيشان في زقاق المدينة، وسط عوائل تنتمي إلى عقائد مختلفة، مما يُبرز عدم وجود مشكلات بين الطوائف. يظهر في الأحداث صديق لهما يُدعى "طارق"، وهو صابئي يعمل معهما بعدما ترك مهنة صياغة الذهب بسبب عدم تزويجه ممن يحب. من خلال طارق، تتكشف علاقات المدينة والأماكن التي يرتادونها.
بعد الاحتلال الأمريكي، تتغير الأدوار. يكبر الأبناء، فيصبح جامد أسطة البناء، ومسعود مساعده. يتزوج كل منهما أخت الآخر، ويُرزقان بولدين لكل منهما. لكن الصراعات المسلّحة تبدأ، ويضطر طارق إلى مغادرة العراق، تاركًا عهدة بيته ومحله لدى جامد ومسعود، في إشارة إلى قوة العلاقة بينهما.
أحد أبرز التحولات في الرواية كان صعود أخ مصدام، الذي أُعدمت عائلته وفُجّر بيتهم أثناء هروبه. يصبح نائبًا في البرلمان، ويطلب من جامد ومسعود بناء قصرٍ له على ضفة النهر. لكن الأحداث تتعقد، فيضطر لإيقاف العمل بسبب سيطرة الجماعات المسلحة على الموصل والأنبار واقترابهم من بغداد.
تنتهي الرواية بمشهد تشييع ضحايا الحرب الجديدة، على لسان شخصية شبه مجنون، كان شاهدًا على التحولات السياسية قبل الاحتلال وبعده، وما تنبأ به من أحداث.
وشهدت الأمسية تقديم أوراق نقدية ومداخلات من القاص حمودي الكناني، والنقاد مهدي هندو وحيدر جمعة العابدي، فضلًا عن صباح أبو دكة، ونصير شنشول، وعبد الحسين بريسم، ود. لطيف القصاب، والشاعرة آمنة الأسدي. وقدّم الأستاذ فاضل مناتي باقة ورد باسم التيار الديمقراطي احتفاءً بالمناسبة.