التاريخ يعظ في {المصارع 2}

ثقافة 2025/01/20
...

علي حمود الحسن    

تدور أحداث فيلم "المصارع 2" (2014) في الفترة الملتبسة التي سبقت سقوط الحضارة الرومانية وتشرذمها، والتي غالباً ما يقتبسها مخرجو الأفلام بغية اسقاطها على حضارتنا الآيلة للسقوط ،"لا تنظر إلى الأعلى"، "سقوط الحضارة الرومانية، "الجوكر"، إذ نقتفي أثر لوسيوس أو هانو (بول ميسكال) حفيد الإمبراطور ماركوس أوريليوس الذي هرّبته أمه لوسيلا(كوين نلسن) إلى إحدى الممالك الأفريقية؛ خوفاً عليه من القتل بعد تولي خاله كومودوس(خواكين فينيكس) الحكم ومقتل ماكسيموس(راسل كرو). يعيش في مملكة نوميديا ويصبح فارساً ويتزوج من امرأة محاربة، يغزو الجيش الروماني بقيادة أكاسيوس نوميديا من البحر، فيدمر تحصيناتها ويقتل فرسانها وبضمنهم زوجته اريشات في معركة بحرية هائلة، نفذها بردالي ببراعة "أسطة" من خلال بناء "اللوكيشنات" واستخدم الطائرات المسيرة لتصوير لقطات المعارك العامة، ممازجاً إياها بتقنيات الكرافيك، فضلاً عن توظيف المؤثرات البصرية والصوتية. يقع هانو في الأسر ويباع كعبد؛ ولأنه مصارع محترف يشتريه كريانوس (دينزل واشنطن) تاجر العبيد ومزود الجيوش الرومانية بالأسلحة وصاحب الحظوة في أروقة الإمبراطورية، تنتعش آمال لوسيوس بالانتقام من اكاسيوس، تكتشف لوسيلا أن هذا المبارز الذي لا يقهر هو ابنها، وتخبره أن ماكسيموس هو ابيه، وأنها تعمل مع رومان شرفاء لإنقاذ الإمبراطورية من عبث الأخوين التوأمين، يكشف الأخوان مؤامرة أكاسيوس زوج لوسيلا، فيقرران قتله، لكن كارينوس يقترح عليهم أن يكون مقتله أمام الشعب الروماني في الكالسيوم، يبارزه هانو(لوسيوس)، وبعد قتال ضار يخبره أكاسيوس أنه صديق والده وخدم تحت إمرته، وأنه زوج أمه لوسيلا، يتردد في قتله بعد أن جندله، إلا أن الإمبراطور يأمر الرماة بقتله، تحل الفوضى في روما ويتقاتل الأخوان بفعل وشاية من  ماكرينوس، الذي يقتل لوسيلا بسهم، فيلاحقه هانو ويقتله بوحشية في واحد من المشاهد العنيفة والدموية، يلتقي هانو(يعلن اسمه الحقيقي لوسيوس وليس هانو) بالجيش الروماني الموالي لأكاسيوس ويطلب منهم تحقيق حلم جده الإمبراطور ببناء جنة الله على أنقاض روما، هذه الجملة التي طالما سخر منها المراوغ كريانوس.

لا يمكن الحديث عن "المصارع 2" دون مقارنته بالجزء الأول الذي أخرجه سكوت ومثل فيه راسل كرو وخواكين فينيكس وكوين نيلسن، على الرغم من وجود نصف قرن من الزمان بينهما، لا أشك في تفوق الفيلم الأول من كل النواحي: الأداء ومجمل لغته السينمائية، فضلاً عن البناء السردي والموسيقى التصويرية، إذ أسرف سكوت في توظيف التقنيات البصرية، خصوصاً بمشاهد القتال في الجزء الثاني؛ فبدا هجوم القردة المتوحشة ووحيد القرن على هانو ورفاقه من المجالدين مغترباً، فضلاً عن الحضور الطاغي لراسل كرو وخواكين فينيكس بالمقارنة مع بول ميسكال (هانو)، و بيدرو باسكال(اكاسيوس)، رغم أن أداءهما كان جيداً، لكنه ليس ملهماً، بينما كان دينزل واشنطن مبتكراً في أداء شخصية جديدة وغريبة، وإن كانت خيالية ومربكة للسياق السردي، وقدمت لوسيلا (كوني نلسن) أداءً رائعاً في كلا الجزأين. الفيلم عموماً تصدى لإبراز الصراع الطبقي، إذ شاهدنا لقطات للطبقات المسحوقة وهي تستجدي الأكل وفي أوضاع بائسة. ولاقى نجاحاً مقبولاً، وحصل على إيرادات جيدة، لكنها لا تقارن بالجزء الأول.