علي لفتة سعيد
منذ تسعينيات القرن الماضي، وأنا أحاول تطوير سبيل نقدي خاص بي، يهتم بالتدوين والكتابة والإنتاج. والتي بدأت بعنوان كان يتقدم كل المقالات النقدية التي نشرتها "بنية الكتابة"، ومن ثم تحول إلى اللعبة التدوينية، ومن ثم فهم اللعبة الذي تحول إلى كتاب، ومن ثم إلى الاشتغال والإنتاج في النص الأدبي، والذي تبلور إلى طرح هذا المفهوم لأكثر من كتاب.
ولهذا فإن الأمر ليس بدعةً أو خلقًا نقديًا جديدًا، وإنما هو عملية ربط معالم مطروحة لإنتاج مفهومٍ نقديّ يندرج وفق مسميّات ومسلّمات خاصة بما أطرحه من فعالياتٍ نقديةٍ أردتها أن تحمل رابطًا واحدًا ومسارًا محدّدًا له أهداف معلنة ومسارات محدّدة، يمكن أن تُفهم من أيّ متلقٍ لما أريد قوله من قصديات.
ومن المقالات الكثيرة التي درجت على تصدّرها في السنوات الأخيرة جملة (اللعبة التدوينية)، التي تحوّلت إلى كتاب فيما بعد أطلقت عليه (فهم اللعبة الإنتاجية للنص الأدبي- استنطاق الآلية وإخراج المنتوج)، ليكون ثالث كتابٍ يبدأ بكلمة (فهم) بعد كتابي (فهم-النص- من الانتاج- إلى التلقّي) و(فهم الزمن ودلالته في النصّ السردي)، فيما ظلّت جملة (اللعبة التدوينية) تتصدّر المقالات التي أنشرها في الصحف العراقية والعربية، والتي وصلت إلى العشرات من هذه المقالات التي تناولت روايات ومجاميع قصصية وشعرية لعددٍ كبيرٍ من الأدباء في العراق والبلدان العربية.
أطرح هذا الأمر وأنا أجد كتابًا للناقد والقاص العراقي حسن الموسوي حمل عنوان (اللعبة التدوينية وحركة النص). ولأن الكتاب لم أقرأه، فإن العنوان يدل على اقتباسٍ أو تحويل ما يمكن أن أطلق عليه (مصطلح نقدي) من خانة أنه اجتراحي، ولا أقول (خلقي)، فإن الأمر لا يبدو تناصًا ولا يبدو اتكاءً من ناحية العنونة. فالعنوان واضح، ونشرت الكثير من المقالات تحت هذا العنوان، بما فيها عنوان عن مجموعة القاص الموسوي نفسه، والتي حملت عنوان "اللعبة التدوينية بين الحكاية والحدث في قصص "سارق الغنم" لحسن الموسوي" فقد نشر في العديد من الصحف من بينها "اليوم السابع" في 22 مايو/ أيار عام 2019، وكذلك نشر في جريدة أخبار الخليج في ٢٦ آب/أغسطس ٢٠٢٣، ودخل في كتابي النقدي "فهم اللعبة الإنتاجية" ضمن الفصل الثالث الذي حمل عنوان "اللعبة وتطبيقات القصة". وهذا الكتاب الذي كتبت له المقدّمة الناقدة الجزائرية الدكتورة غزلان هاشمي، وكتب التظهير له الناقد الكبير حاتم الصقر، وقد قُسّم إلى أكثر من فصل:
الفصل الأوّل "تقاسيم اللعبة ووجهة التدوين"، وطرحنا فيه عددًا من المقالات تدور أغلبها حول اللعبة، منها: الخطوة الأولى وفهم التدوين، العنوان وبداية اللعبة، اللعبة وقياسها، وسباق اللعبة، الحافز وسياق الحيرة، الزمن واللعبة الدائرية، الزمن والعلاقة مع الجملة، لعبة الأمكنة، دلالة اللعبة، المكان والعلاقة الجدلية، لعبة الشخصيات، اللغة ومهارة اللعبة، وغيرها.
ثم الفصل الثاني وكان تحت عنوان "اللعبة والتطبيقات الروائية"، وتناولت روايات لشوقي كريم، وزهران القاسمي، وعمار الثويني، وتحسين الكرماني، وحبيبة محرزي، ونشأت المصري، وبديعة النعيمي، وحياة قاصدي.
والفصل الثالث كان "اللعبة وتطبيقات القصة"، وتناولنا مجاميع لعز الدين جلاوجي، وداوود الشويلي، ومحسن حسن الموسوي، وعبير يحيى.
وكذلك الفصل الرابع "اللعبة وتطبيقات الشعر"، تناولنا مجاميع عمر السراي، وحسين نهابة، ودلال جويد، وعدنان الفضلي، وحبيب السامر، وحسين بن خليل. وهذا الكتاب صدر أيضًا عام 2024 في العراق والجزائر.
إن فهم الموضوع ربما سيكون وكأن كتاب الزميل الموسوي صاحب الأمر في التوجّه الذي استخدم هذا المصطلح كعنوانٍ خاصّ واجتراحٍ للصديق الموسوي، الذي لم أقرأ له من قبل تحت هذه اليافطة، في حين أن بإمكان أيّ متصفّحٍ لمحرّك الإنترنت ويكتب فقط جملة "اللعبة التدوينية" ستخرج له عشرات المقالات المنشورة باسمي.
إن الأمر لا أريد أن أنسبه إلى السرقة الأدبية، لكنه لا يقع إلّا ضمن عدم الاكتراث لماهية العنوان وأصالته، وإن كان هناك كتاب بهذا الاسم أو حتى مقال بوّب تحت هذه العنونة، التي كان هو واحدًا من الذين تناولت مجموعته القصصية تحت العنوان ذاته.
إن مقولة أن الكتاب لا يشبه ولا يمت إلى كتابي بصلةٍ، لا يعفي تطابق العنوان، وإن اختلفت كلمة "حركة" بدلًا من إنتاج. ولهذا فإن ترويج الكتاب على أنه اقتباس أو اجتراح جديد، سيفهم على أنه للصديق الموسوي، خاصة ونحن في العراق نعيش عقدة الهامش والمركز وحضور الناقد في هذا الوسط أو ذاك.
إن ما أكتبه لا أدّعي أنه امتياز، بقدر ما هو تنبيه لما حصل من تطابق العنونة، التي لو كانت لناقد آخر، لما سعى الموسوي إلى اعتماده كعنوانٍ لكتابه النقدي الذي صدر، ولذا اقتضى التنويه ووضع الأمر بين يدي النقاد.