صدقوني..نحن لا نزرع الشوك !

آراء 2019/07/04
...

طالب جبار الأحمد
 


بصريح العبارة، قال فنانون وأدباء عرب زاروا بغداد مؤخراً، انهم فوجئوا برؤية صورة جميلة لدار السلام على أرض الواقع تختلف تماماً عن ما يشاهدونه في وسائل الإعلام المرئية من متابعات للشأن العراقي.

وقبل فترة التقيت بأديبة جزائرية زارت عاصمتنا الحبيبة،  فقالت لي أنها صدمت للفارق الكبير الذي اكتشفته بين الصورة الذهنية السائدة عن بغداد في الإعلام العربي وبين ماشاهدته وعايشته خلال تجوالها في شوارع ومعالم العاصمة.
قالت بحبور “ بغداد مدينة ساحرة حقاً،.. لكن لماذا يغيب هذا السحر عن القنوات الفضائية؟”.
التساؤل ذاته طرحته الصحافية الإيرانية “فريبا باجوه” حين القت محاضرة قبل أيام في منتدى”رواق بغداد” عن تجربتها في تغطية الشأن العراقي. “فريبا” أعربت عن دهشتها لرؤية مدينة ألف ليلة وليلة وهي تنهض بكبرياء مثل عنقاء “السيمرغ” في الأساطير الفارسية دون أن ينبري الإعلام لعكس هذا التحول اللافت في المشهد العراقي بعد 2003.
هناك، للأسف، صورة ذهنية سلبية عن بغداد سعت الفضائيات المضادة لتجربتنا السياسية إلى تكريسها في المخيال الشعبي العربي طيلة السنوات الماضية، ووفرّ الإرهاب الأسود بدوره كل ذرائع إبقاء هذه الصورة الفضائية تنز دماً ورعباً. وإذا كان هذا الأمر مفهوماً، ولا أقول مبرراً، بالنسبة لفضائيات عربية تقف وراءها أجندة سياسية، فلماذا أدمنت بعض الفضائيات المحلية على عرض مشاهد البؤس وتصوير البلد وكأنه يقف على شفا جرف هار ؟!.
لماذا لاينبري إعلامنا العراقي لعرض أوجه الحقيقة كلها ومواجهة هذا التحدي،لا سيما بعد أن حقق البلد أعظم انتصار في تاريخه على قوى الإرهاب وبدأ يشق طريقه للتعافي والنهوض رغم كل التحديات والصعاب؟.
كثيراً ما أسمع من الناس الواعين الذين التقيهم عتاباً على أداء بعض الفضائيات المحلية، وألمس لديهم تذمراً من اساليب الإثارة المتكررة في تناول قضايا المشهد السياسي والاستعراض المُمل للتراشق بالاتهامات والدوران في حلقة مفرغة من السجالات عن أسباب جمود المشهد السياسي ..وبكل صدق أقول لهم: ليس مهمتنا كإعلاميين بث او نشر كل ما يدعو إلى الإحباط واليأس وجلد الذات..فنحن لانزرع الشوك في طريق المستقبل ولا ينبغي أن نفعل ذلك، على الأقل في مرحلتنا الراهنة، مهما كانت الصورة السلبية تشتمل على عناصر الإغواء والإغراء للوسيلة الإعلامية.