نزار عبد الستار
الثقافة ركنٌ راسخٌ في الصحافة العربيَّة لأسبابٍ تتعلقُ بالتمكين والتلقين لبناء فكر المتلقي وتطوير الذائقة والإيحاء بأهميَّة الثقافة في حياة المجتمعات، فضلاً عن تداول المعطى الثقافي الوطني بوصفه سمة الشعب وفخره العقلاني.
من أكثر الأخطاء الشائعة في صحافتنا الثقافيَّة هو الكتابة للإشهار وليس الاستهداف، فمن المعلوم أنَّ ما تنشره الصحف يتحددُ بعلم الصحافة نفسه حيث يشيع المقال أكثر من النصّ الأدبي وتطرح الملاحظات الاقتصاريَّة وتستبعد الدراسات، وبالتالي فإنَّ من أهم السمات الفنيَّة في الصحافة الثقافيَّة هي تحديد الكلمات لنشر أكبر عددٍ من المقالات والتغطيات والإصدارات.
الصحافة الناجحة سواء كانت ثقافيَّة أو سياسيَّة هي تلك التي تستهدف الفئات البسيطة من المجتمع لتعميم الثقافة واستقبالها بالشكل السليم وإشراك المتلقي العادي وجعله يقترب من منطقة اشتغال الثقافة. إنَّ من أعرق الصيغ الخطابيَّة التوجه للعامَّة وفهم دور الصحافة في التقارب وهي ليست مسرحاً للمثقفين أو منبراً للتعاطي المتخصص، لذلك تفشل أغلب الصحف في إدارة أهدافها؛ لأنَّ الكثير من الكتّاب يصعبُ عليهم فهم الغرض من وجود الصفحات الثقافيَّة أو أنهم لا يتكيفون في الكتابة مع فن الصحافة.
مشكلة أغلب الصحف تكمنُ في تكوين الواجهة الثقافيَّة؛ وذلك لصعوبة ترويض الكتَّاب الخارجيين وجعلهم أشدَّ إدراكاً لوظيفة الثقافة الصحفيَّة. في هذه الوسيلة الإعلاميَّة تكون مراجعات الكتب وتغطيات النشاطات فضلاً عن متابعات الحركة الثقافيَّة هي الأساس في العمل المهني بعدها تأتي المقالات المقتضبة التي تستخدم أساليب الشدّ وتعتمد الوضوح لتفسير الظاهرة الثقافيَّة للمتلقي البسيط واقتياده للدخول في هذا العالم الرحب.
توجد في الصحافة الثقافيَّة متسعاتٌ تحكمها تعدديَّة الصفحات، فعندما تصدرُ عن الصحف ملاحق ثقافيَّة بعددٍ كبيرٍ من الصفحات عندها يمكن التوسع وصولاً الى الدراسات ولكنْ حتى هذه تكون مشروطة ومقيدة وليست مفتوحة كما في المجلات المتخصصة.
من الضروري أنْ يدركَ المثقف ومعه الأديب دورَ الخطاب في الصحافة الثقافيَّة المقروءة والمرئيَّة وهذا يتطلب منا أسلوباً مغايراً ونهجاً إبداعياً يختلف عمَّا لو كان مطروحاً في كتابٍ أو في مطبوعٍ متخصص.
الصحافة اقترابٌ من الوسط وحثٌ للتطوير ورسالة مفادها إشراك الآخر البعيد بأفكارنا ومحاربة الانعزال.