د. باسم الابراهيمي
ظهر التأمين في الدول العربية ومنها العراق خلال القرن التاسع عشر عندما بدأ الاتصال التجاري بين دول المشرق والمغرب، حيث كان التأمين البحري على البضائع الحكومية هو أول أنواع التأمين التي عرفتها الدول العربية، في حين عرف التأمين في أوروبا منذ القرن السادس عشر.
ويعدُّ التأمين من الأنشطة المهمة في تعزيز النمو والاستقرار الاقتصادي وهو ضرورة مُلحَّة في المجتمعات الحديثة لدرء الأخطار التي لا يمكن للأفراد والمجتمعات إهمالها أو إغفال دورها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما بعد ظهور ما يعرف بـ “إدارة المخاطر” كفرعٍ حديثٍ من فروع علم الإدارة والذي أخذ يتسعُ بشكلٍ كبيرٍ في السنوات
الأخيرة.
على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على ظهور التأمين في العراق، إلا أنَّ هذا النشاط لم يواكب التطورات التي شهدتها مثيلاته على المستوى الدولي، إذ تتصفُ سوق التأمين العراقيَّة بهيمنة شركات التأمين العامة التي تزاحم القطاع الخاص وتحدُّ من
تطوره.
إذ توجد ثلاثون شركة تأمين (خمسٌ حياة وخمسٌ وعشرون شركة غير حياتيَّة) وهناك شركة واحدة فقط لإعادة التأمين، علماً أنَّ ثلاثَ شركات فقط تملك (90 بالمئة) من السوق، وعلى الرغم من كل الدراسات المتعلقة بالتأمين في العراق إلا أنَّه من الصعب الوصول الى تقديرٍ دقيقٍ لحجم الصناعة الحالية، ولكن إذا ما اعتمدنا الأقساط المكتوبة الإجمالية كدليل لذلك فإنَّ حجم السوق يصل الى نحو (500) مليار دينار.
إنَّ عملية تطوير سوق التأمين في العراق يجب أن تأخذ الاهتمام المطلوب مؤسساتياً وتشريعياً وإدارياً لما لها من أهمية كبيرة في تعزيز التنمية الاقتصاديَّة، وهنا لا بدَّ من الإشارة الى أنَّ سوق التأمين في الأجل الطويل يجب أنْ يقودها القطاع الخاص الذي يتملك الإمكانات المطلوبة لذلك.
ولكنْ في الأجل القصير ومن أجل إعطاء دفعة أولية للسوق يمكن للقطاع العام والحكومة أنْ تلعبا الدور الرئيس في ذلك من خلال الانسحاب التدريجي من السوق، فضلاً عن إطلاق التأمين الإلزامي على المركبات والأشخاص (الموظفين على سبيل المثال)، وكذلك من الضروري إعداد برنامج تدريبي واستقدام مدربين دوليين بما يسهم في تطوير الخبرات المحليَّة وهذه الأمور ليست صعبة التحقق، وهي خطوة ضروريَّة باتجاه مواكبة العمليَّة التنمويَّة
القادمة.