رحيم رزاق الجبوري
يعملون بصمت كالكاميرا؛ لكنهم يصنعون الحدث والمفارقة والغرابة، ويترجمون أفكاراً تغيب عن أعين المشاهدين. هؤلاء هم المصورون الفوتوغرافيون، تشاهدهم يحملون الكاميرا بعدساتها الفائقة الجودة، ويحررون الحدث فوتوغرافياً، ويصنعون منه حكايات وقصصاً لا تنتهي وتظل خالدة في الذاكرة الرياضية.
ترقب واستعداد
إلى ذلك يتحدث ديار إبراهيم جبر (مصور فوتوغرافي رياضي)، عن تجربته في هذا العالم الجميل، قائلاً: «أتأهّب، وأستنفر قدراتي، وأخمن بوقت موعد وصول الكرة، وأوجه عدستي نحو موقع وصولها، وأضع خاصية الفوكس على المكان المطلوب ولا أغفل التعامل مع قواعد التكوين. كل هذا وغيره أنجزه بوقت لا يستغرق ثانية أو ثانيتين من أجل اصطياد صورة؛ تساعدني في ذلك وتسعفني قدراتي الحسية وعيني التصويرية، كما أركز على توجيه العدسة على الحدث قبل وقوعه لأتفرد بنقل لقطة فريدة وباحتمالية كبيرة لم يلتقطها مصور غيري؛ فيصبح انتشارها وتداولها منجزاً يشار إليه بالبنان».
تجميد اللحظة
وعن أبرز سمات وملامح الجمال التي تكمن في هذا الفن الفوتوغرافي، يضيف بالقول: إنَّ «التصوير الرياضي هو عملية إيقاف وتجميد لحظة من المستحيل أن تعاد أو تتكرر. ويكمن النجاح في الطريقة المثالية وبجمالية واحترافية تجميد الصورة. فهذا الفن لا يقتصر على كرة القدم فحسب؛ بل يشمل الرياضات
الأخرى».
فن اجتهادي
ويتابع، «يعد هذا الفن محطة لخلق وتفريغ الطاقة الإبداعية، لما فيه من ندية تنافسية. وذلك بسبب التفرد بالتقاط صورة مميزة دون أن تراها عدسة ثانية كونها لقطة آنية وفرصة إعادة التقاطها مستحيلة تماماً. لذلك يعدّ التصوير الرياضي فناً اجتهادياً إبداعياً. فكلما زاد
اجتهاد المصور المتسلح بالمهارة والاحترافية تفوق على أقرانه، وبزغ نجمه. لكنَّ هناك صعوبات تواجه العاملين في هذا المضمار؛ كونه يتطلب معدات باهظة الثمن، عطفاً على بخس الأجور التي لا توازي مجهودات وإبداعات المصور
المحترف».
تخصص ودراسة
بينما يشير عبد الستار مهدي إلى أنه «تمكّن من الوصول لمراحل متطورة في عالم التصوير الفوتوغرافي؛ لكنَّ الاختصاص دائماً ما يصنع الإبداع. ولهذا فقد تخصصت في المجال الرياضي، لسببين، أولهما أني لاعب كرة قدم وأعرف ما يحتاج إليه الرياضي للتوثيق. وثانيهما أني وجدت في هذا المجال خامات عملاقة في التصوير الفوتوغرافي في المحافل الدولية والعالمية، وافتقار الملاعب الشعبية لمثل هذا المجال فبدأت بالعمل بخطى ثابتة لإظهار المواهب الرياضية على الصعيد المحلي والعالمي».
مهارات وقدرات
ويضيف، «يحتاج المصور الرياضي إلى مهارة عالية وقدرة جيدة على التحكم بإعدادات الكاميرا؛ لأنَّ التصوير الرياضي قائم على التقاط الحركة وتجميد الجسم من خلال إعدادات مناسبة». وعن أبرز الصعوبات التي تواجه المصور، يتابع بالقول: «لا تتوفر البيئة المناسبة خلال التصوير، في أي كرنفال أو نهائي بطولة أو أي مباراة أو محفل رياضي. والمقصود بالبيئة المناسبة هنا هو عدم توفير أماكن مخصصة للمصور لالتقاط الصور المناسبة ومن زوايا مختلفة بالإضافة إلى افتقار أغلب الملاعب للإنارة الكافية مما يصعب على المصور عموماً رفع جودة الصورة المراد
التقاطها».
فن التوثيق
اختار المجال الرياضي دون غيره لأنه الأقرب له ويعشقه منذ الصغر ويجد نفسه مبدعاً فيه كونه رياضياً.. فراس الرديني، يحدثنا عن عالم الفوتوغراف الرياضي، قائلاً: «هو عملية التقاط وتوثيق أجمل اللقطات الرياضية للاعبين ولمنظمي البطولات والتي تعكس إبداعهم في تنظيم البطولات وتنافس اللاعبين لحصد الكؤوس والبطولات، فضلاً عن توثيق كل شيء غريب وطريف وغيرهما».
غياب الدعم
كما يرى الرديني أنَّ «تحديث أدوات التصوير التي تكون باهظة الثمن؛ لا يقابلها مردود ودعم من القطاع الحكومي، فضلاً عن قلة أجور التصوير في هذا المجال خاصة في توثيق مباريات الدوري العراقي التي تكون تغطيتها مجانية تماماً؟ عطفاً على المجهودات المضنية في اصطياد وتوثيق اللقطة الرياضية وصعوبتها البالغة، والتي تتطلب اعتماد واختيار الزاوية المناسبة للتصوير، فضلاً عن إبداع المصور وموهبته وخبرته وأدواته التي للأسف لا يثمنّها أحد».