يتساءل الجميع عن أسباب التعثر والتلكؤ الذي نعيشه طيلة هذه الفترة خصوصاً الأزمات الكبيرة التي تجعل من الحياة معقدة ومتشابكة، من هذه الأزمات هي الخدمات الأساسيَّة المتعلقة بشكل مباشر بحياة المواطن وفي مختلف
الجوانب.
أكبر هذه المشاكل اليوم أو الأزمات هي أزمة الطاقة الكهربائيَّة التي تشكل تحدياً كبيراً لأي حكومة على اعتبارها عصب الحياة - ليس في العراق فقط- وإنما في العالم بمختلف تشكيلاته وتقسيماته، فمن غير الممكن أنْ نتحدثَ عن تطورٍ وتقدمٍ من غير توفر الطاقة الكهربائيَّة التي تدخل اليوم بمختلف المجالات إلى جانب أنها واحدة من ضرورات الحياة بالنسبة للمواطن، فهناك عوزٌ كبيرٌ بالنسبة للطاقة الكهربائيَّة التي أثرت بشكل مباشر في العلاقة بين المواطن والحكومات بمختلف أشكالها وتوجهاتها، فهذا العصب المهم يدخل في الصناعة والتعليم والصحة والتكنولوجيا وكل ما له علاقة بالتطور والتنمية، فلو رصدنا المبالغ التي تم إنفاقها على شبكات الكهرباء كانت كفيلة أنْ تعيد تأهيل جميع المحطات بالكامل لتكون على درجة عالية من الكفاءة والإنتاج، هذا إذا أبعدنا قضية الفساد وهدر المال العام في هذا الجزء المهم تحديداً، فهذه المبالغ التي تتراوح بين 50 – 80 مليار دولار منذ العام 2004، وهذه تعدُّ أرقاماً خياليَّة لا تُعيد بناء منظومة كهرباء متطورة فحسب لا بل قد تساعد على تصدير الطاقة مما يعزز قوة الاقتصاد العراقي، والسؤال هنا من هم أكثر عرضة للمعاناة؟ الجواب وبكل بساطة المواطن الذي لم يكن المتسبب في إفشاله لا بل إنه لم يكن المتسبب في إرهاق المحطات من خلال إهمالها، فهذه الحال لم تعد تُحتَمل خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة التي تجتاحُ العالم، فعلى الرغم من الحديث عن الاحتباس الحراري وتزايد درجات الحرارة إلا أنَّ العديد من الدول التي تمتلك قدرات العراق المالية تضع الحلول المجدية لحل هذه الأزمة.
إنَّ دراسة موضوعة الطاقة الكهربائيَّة ليس فقط من الجوانب الفنية والتقنية ولا جوانب ما يشعر به المواطن من حرارة لاهبة تفقده شعوره بإنسانيته، وإنما ايضاً يجب أنْ تأخذ في الحسبان الجوانب البيئيَّة والاقتصادية. بيئياً بسبب الانقطاع المستمر والطويل للكهرباء الحكوميَّة وجب إحلال بديل عنها من خلال مولدات الديزل الأهلية المنتشرة في عموم أرجاء العراق وما تبعثه من حرق الديزل يساعد الذي على تلويث الهواء بثاني أوكسيد الكاربون الذي باتت العديد من دول العالم تجري الدراسات من أجل تقليله لما يسببه من أضرار بيئية وصحية على الإنسان إلى جانب غياب الأحزمة الخضراء في المدن، ما يسهم في جعل البيئة غير صالحة أو مضرة، اقتصادياً فالمواطن العراقي يدفع المال بطريقتين الأولى لقائمة كهرباء الدولة والثانية للمولدات الأهلية إلى جانب المتطلبات الأساسيَّة التي تثقل كاهله بالأخص ذوي الدخل المحدود، بالمحصلة فإنَّ المتضرر الوحيد من عوز الطاقة الكهربائية هو
المواطن.
أما الجوانب السياسيَّة فإنَّ هذه الأزمة من أكثر الأزمات التي تضع علاقة المواطن والدولة على المحك بعد أنْ يئسَ المواطن من الوعود التي أطلقها المسؤولون من حيث تحسينها، وكانت على أشدها في حكومة السيد حيدر العبادي وما جرى في البصرة ومختلف المحافظات العراقيَّة، ما يجعل من هذا الملف تحدياً خطيراً يقابل أي حكومة تأتي مهما كان برنامجها أو مقبوليتها لأنها بكل الأحوال مطالبة بتوفير الخدمات وكل ما له علاقة بحياة المواطن
ورفاهيته.