تواجه صناعة التبغ ومنتجاته التقليدية المختلفة في الولايات المتحدة قيوداً وتشديدات رقابية عديدة ستقوّض الى حد كبير الأرباح المخطط لها خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة.
فضلاً عن الضرائب المتنامية وارتفاع تكاليف الإعلان والترويج ودخول المنافس الألكتروني والمنتجات المقلدة،أصيبت صناعة التبغ وكبريات شركاتها مثل فيليب موريس والاميركية البريطانية وألتيريا بضربة موجعة بعدما كشفت إدارة الغذاء والدواء الأميركية عن خطة لفرض قيود على كمية النيكوتين المسموح بها في السجائر.
ومن شأن هذه الخطط فيما لو شرعت بقانون،ان تسهم بفقدان قطاع صناعة التبغ الأميركي مالايقل عن 165 مليار دولار من الأرباح خلال 15 عاماً.
مستويات النيكوتين
بحسب تقرير ذكرته قناة CNN الأميركية الاخبارية، فإن إدارة الغذاء والدواء ستعمد نشر قواعد جديدة في شهر تشرين الثاني المقبل، من شأنها تحقيق قابلية إدمان السجائر الى الحد الأدنى، ويمكن أن تحقق إدارة الأغذية والعقاقير هذا الهدف من خلال سن قانون بوضع حد أقصى لمستوى النيكوتين في السجائر.
محللون في مؤسسة “مورغان ستانلي “ ذكروا إن وضع حد أقصى للنيكوتين سيكون عاملاً محبطاً ومحفزاً سلبياً لهذه السجائر، وسيتسبب في خسائر كبيرة لمجمل أعمال هذا القطاع الحيوي.
وأكد المحللون إنه إذا نُفّذ الاقتراح بحلول العام 2035، فإن أرباح شركات التبغ يمكن أن تخفض بنسبة 50 بالمئة على وجه التحديد وستكون التيريا أكثر المتضررين. وتوقع المحللون أن عدد المدخنين سينخفض من 34 مليون بالغ حالياً في الولايات المتحدة إلى 14 مليوناً بحلول العام 2030، ويتوقع أن تكلف علبة سجائر 16 دولاراً بحلول عام 2035.
السجائر الإلكترونية
الأخبار السيئة لم تتوقف عند هذا الحد فقد حظرت مدينة سان فرانسيسكو (كاليفورنيا) بيع السجائر الإلكترونية حتى تتضح آثارها الصحية، وبذلك تصبح أول مدينة أميركية تتخذ مثل هذا القرار.
وصوت المسؤولون لصالح الحظر الذي يمنع المتاجر من بيع السجائر الإلكترونية ويجعل بيعها عبر الإنترنت وإيصالها إلى أي عنوان في المدينة أمرا غير قانوني.
وتعد ولاية كاليفورنيا المقر الرئيس لشركة “جوول لاب”، أشهر منتج للسجائر الإلكترونية في الولايات المتحدة. وتفيد احصاءات رسمية ان منتجات التبغ التقليدية تقتل 40 ألفا من سكان كاليفورنيا كل عام.
ومن جهتها عبرت الشركة في تصريح لها عن صدمتها واستغرابها لهذا القرار، لافتة الى ان هذه الخطوة “ستدفع المدخنين للعودة إلى تدخين السجائر التقليدية كما “ستسهم في “خلق سوق سوداء كبيرة لها”. حسب تعبيرها.
ويقول نشطاء مناهضون للتدخين إن الشركات المنتجة تتعمد استهداف الشباب من خلال تقديم منتجات متعددة النكهات فضلاً عن المغريات الاعلانية بحملات ضخمة وميزانيات طائلة.
ويضيف النشطاء أن الأمر لا يقتصر على إجراء المزيد من البحوث العلمية لمعرفة التأثير الصحي للسجائر الإلكترونية، بل إن الأمر يمكن أن يشجع الشباب على التحول إلى تدخين السجائر العادية.
إرشادات
سبق لهيئة الغذاء والدواء الأميركية، ان أصدرت في وقت سابق من هذا العام، إرشادات مقترحة تمنح الشركات مهلة حتى العام 2021 للتقدم بطلب لتقييم منتجاتها من السجائر الإلكترونية. لكن الشركات قالت في وقت لاحق إن الإعداد لذلك يحتاج إلى مزيد من الوقت.
ووفقًا للمراكز الأميركية للوقاية من الأمراض، فقد ارتفع عدد المراهقين الأميركيين الذين اعترفوا باستخدام منتجات النيكوتين بنحو 36 بالمئة العام الماضي، وذلك بسبب استخدام السجائر الإلكترونية.
وبموجب القانون الاتحادي فإن السن القانونية لشراء منتجات التبغ هو 18 عامًا، لكنها تبلغ 21 عاما في كاليفورنيا وولايات أخرى.
مصادقة
الغريب ان إدارة الأغذية والدواء الأمريكية (FDA) صدقت خلال شهر آيار الماضي على جهاز التبغ الإلكتروني الجديد الذي يعتمد تقنية تسخين مبتكرة للتبوغ،ووافقت على طرحه في الأسواق
الأميركية.
وأعلنت أنها سمحت بتسويق “نظام تدخين التبغ” (IQOS) المطور من قبل شركة “فيليب موريس”، وهو جهاز إلكتروني يعمل على تسخين العصي المملوءة بالتبغ في الورق، مما ينتج عنه هباء يحتوي على النيكوتين برغم ان هذا السماح لا يعني بتاتاً أن هذه المنتجات آمنة أو معتمدة.
وأوضح أحد المسؤولين فى الشركة المصنعة للجهاز أن المنتج حصل على موافقة بعد مراجعة صارمة قائمة على تحليل فوائده ومخاطره على المستخدم، لاسيما فئة الشباب.
وأوضحت (FDA)، أنها اعطت ترخيصا جزئيا لأن المنتج قد يحتوى على مواد كيميائية سامة بالرغم من أن العديد من السموم التي تم تحديدها موجودة في مستويات أقل من دخان السجائر، مضيفة: “إن قرارها اتخذ بسبب احتمال انتقال مدخني السجائر بالكامل إلى المنتج، بينما تشير الدلائل إلى أنه من غير المرجح أن يستخدمه غير المدخنين، بما فيهم الشباب.
تخفيض عدد المدخنين
من جهته ذكر ميتشيل زيللر مدير مركز منتجات التبغ بإدارة الأغذية والأدوية الأميركية (FDA)، الجهة الأهم والمعنية بتحديد امكانية طرح أي دواء او منتجات غذائية فى الاسواق الامريكية، أن اضرار السجائر التقليدية تأتى من عملية اشعال السجائر ذاتها وليس من النيكوتين.
وشدد على أن البديل المطلوب الآن هو طرح منتجات الكترونية بديلة أقل ضررًا بل ودعم تلك المنتجات عبر خطة واضحة تطبق في أرجاء العالم.
وقال زيللر ان الإدارة تدرس النيكوتين وادويته والمنتجات الحديثة الاقل ضرراً ومنها السجائر الإلكترونية، مشدداً أن الاهتمام بمنع دخول الشباب وصغار السن الى عالم التدخين أمر يجب مراعاته مع تقديم المنتجات الجديدة والدعاية لها، لان الغرض من منتجات الحد من مخاطر التدخين وتقليله هو ان يتحول قطاع عريض من المدخنين الى تلك المنتجات بدلا من السجائر التقليدية لتخفيض عدد مستخدمي سجائر الاشعال، وبالتالي تخفيض عدد المدخنين فى العالم.