خالد جاسم
كنا نأمل ألّا تكون مواجهة الزوراء والشرطة في دوري المحترفين يوم السبت الماضي مجرّد مباراة قمَّة اعتدنا ترقبها والتمتع بما تجود به أقدام ورؤوس اللاعبين من فنون ولمحات كروية بديعة منسجمة ومكانة الناديين الكبيرين في المواجهات المعتادة بينهما حتى مع اختلاف كل شيء في الزمن الحالي عن ذاك الزمن عندما كانت المباريات التي تجمع بين فرق المقدمة الجماهيرية ومنها الشرطة والزوراء بمثابة إحدى النهائيات المبكرة لكل مسابقة أو بطولة يتبارى فيها فريقان جماهيريان من هذا الطراز, ناهيك عن خصوصية كل قمة تجمع القطبين العريقين وهما يتمتعان بأكبر مظلة جماهيرية بين الأندية الأخرى.
وعندما أقول إنَّ إحدى القمم الكروية في المسابقة الأهم التي تجسدت بمواجهة الزوراء والشرطة كنا نتمنى ألّا تكون مجرد مباراة على قدر من الأهمية في حسابات الصراع على صدارة الدوري فقط بل وكان التمني أن تكون مواجهة في غاية الاستثنائية بالنظر لما يحتضنه الفريقان من نجوم استنزفوا خزانتي المال في الناديين العريقين وهي استثنائية كنا نريدها في الأداء والمستوى الفني الرفيع الذي يؤكد جدارة كل منهما في التنافس على كأس الدوري وينسجم مع مكانتهما وتاريخهما وجماهيريتهما وليس أن يسدد الفريقان ضربة في صميم الجمهور الكبير الذي افترش مدرجات ملعب الزوراء وخرج بخيبة أمل ومرارة صريحة نتيجة المستوى المتواضع والأداء المخيب للاعبين الذين لم يتميز منهم أحد مع غياب يكاد يكون كاملاً للمعالجات الفنية والتكتيكية للمدربين مع أننا في الربع الأخير من المسافة المتبقية على بلوغ قطار الدوري المحطة الأخيرة من المرحلة الأولى والتي يفترض أن يكون فيها الفريقان في قمة مستواهما الفني والبدني مع أنني شخصياً لم أفاجأ بهذا التواضع الصريح في المستوى لعوامل وأسباب عدّة حتى وأنَّ هاجس التخوف يشكل تحدياً كبيراً للاعبين في ظل الحساسية التي غالبا ما تغلف إطار مباراة الغريمين الكبيرين مع أنَّ المنطق يوجب ضرورة سعي كل منهما لإدراك الفوز من أجل التقدم خطوة نحو القمة ومنافسات الدوري بلغت عنق السخونة، ولا خيار أمام الفرق المتنافسة تجده سوى الانتصار من أجل بلوغ الهدف ولا سيما أنَّ الشرطة بعد استعادة أنفاسه كان مطالباً بالانتصار حتى يُبقي على آماله قائمة, بينما الزوراء الواثق الخطوات شاطر الشرطة نظرياً طموح الفوز كي يقترب أكثر فأكثر من التفرد وهو يخطف الفوز بعد الآخر. وبرغم أنَّ هذه الحسابات والأجواء المشحونة كان الجمهور الكبير الذي غطى مساحة مدرجات الملعب الذي خضعت مدرجاته للتقنين الإجباري قد شكل لوحة باهرة جسدت من جديد الصورة الحلوة والانطباعات الرائعة المحفورة في الذاكرة عن أصالة هذا الجمهور وعشقه الجنوني للمدورة الساحرة, وحرصه على تشجيع اللمحات الممتعة برغم غيابها في تلك المباراة, فرسم معزوفة وفاء وحب للفريقين الكبيرين, فشكراً جمهورنا الكبير على كل شيء, وتحديداً جمهور الشرطة والزوراء الذي كان الاستثناء الوحيد في منطق الجمال في تلك المواجهة الكبيرة اسماً والفقيرة فنياً في المضمون بكل أسف.. شكراً للطاقم التحكيمي.. شكراً رجال الأمن وحماية الملاعب والمنشآت.. شكراً لملاك إدارة الملعب, وشكراً خاصاً متجدداً إلى مشرف المباراة حازم محمد علي الذي يجدد المهارة والاقتدار في الإشراف على المواجهات الكبيرة .