د. علاء هادي الحطاب
التنافس الانتخابي بين قوى سياسية امر طبيعي، بل يعد من صميم الديمقراطية التي تُسهم في وصول صاحب الاغلبية العددية الى السلطة سواء كان النظام نيابيا، اي ان السلطة النيابية تنتج السلطة التنفيذية من خلال اغلبيتها داخل البرلمان، او من خلال الانتخاب المباشر لرئيس الجمهورية اذا كان النظام رئاسيا، كذلك الحال فيما اذا كان النظام مختلطا، او نظام الجمعية، بالنتيجة ان الاغلبية العددية المصوتة خلال الانتخابات هي من تنتج السلطة، وبما ان اول اهداف الحزب السياسي هو الوصول الى السلطة، فمن الطبيعي ان يطرح الحزب برامج ووعود في اطار منافسة بقية الاحزاب لكسب اصوات الجمهور في سبيل تحقيق برنامجه ووعوده الانتخابية التي سيحاسبه عليها الجمهور المنتخب، ويقترب التنافس الانتخابي من الصراع كلما كانت الثقافة الانتخابية والديمقراطية مشوهة او غير ناضجة عالاقل .
في العراق ومنذ تغيير النظام البعثي السابق شهدنا عددا من الدورات الانتخابية وفي جميعها كانت المشكلات والازمات سابقة ولاحقة لاجراء تلك الانتخابات وتشكيل الحكومات، وعلى طول الخط كانت التصريحات تمظهرا واضحا للصراع الانتخابي الذي تجاوز في كل الممارسات الانتخابية نسق التنافس الى الصراع، حتى بات الجمهور يعرف طبيعة تلك الصراعات التي تلد نفسها مع كل عملية انتخابية ومن ثم مع كل عملية تشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية، حتى وصل الجمهور لمرحلة استقراء طبيعة الازمات وما ستؤول اليه، ويستقرئ كذلك طبيعة ترحيل تلك الازمات بعد تشكيل السلطات لتعيش القوى السياسية مرحلة وردية ليست طويلة زمنا، لتعود الى صراعاتها مرة اخرى، وتبلغ ذروة تلك الصراعات كلما اقتربنا من موعد الممارسة الانتخابية الجديدة وواضح ان القوى السياسية لم تتعلم ان تتجاوز صراعاتها وازماتها، بل ان بعضها امتهن الازمة كثيمة انتخابية قبيل كل انتخابات لغياب الانجاز لديه، او لعدم تمكنه من تحقيق وعوده وبرنامجه الانتخابي.
لذا نشهد اليوم تصاعد الصراعات والازمات السياسية قبيل شهور من موعد الانتخابات المقبلة نهاية العام الجاري، اذ بلغت هذه المرة الازمات ذروتها سريعا، الامر الذي يشير الى ايام مليئة بالتصريحات والمواقف المتشددة التي ستشتد وطأتها كلما اقتربنا من اليوم الانتخابي، على امل تجاوزها وترحيلها مرة اخرى " لخاطر " عيون تشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية بعد الانتخابات المقبلة.