طهران تلوح بفرض رسوم على السفن العابرة لمضيق هرمز

قضايا عربية ودولية 2019/07/07
...

 
 
لا تزال سياسة العقوبات الاميركية ضد طهران تزيد من توتر الادارة الايرانية في وقت تواصل الاخيرة تأكيدها ان جميع الخيارات مطروحة بشأن الاتفاق النووي الموقع مع الدول العظمى التي تطالبها طهران بضرورة صيانة بنود الاتفاق ومحاولة تغيير مجرى العقوبات الاميركية.
وبينما اعلنت طهران تقليص التزامها بالاتفاق النووي اثر التصرفات الاميركية‘ نوه نائب إيراني بارز بوجود مشروع قانون في البرلمان يقضي بأخذ رسوم مرور السفن وناقلات النفط عبر مضيق هرمز مقابل توفير الأمن في الخليج، بما في ذلك المضيق.
وقال أمير حسين قاضي زادة هاشمي، رئيس الكتلة النيابية الخاصة بالإجراءات الاستباقية لمواجهة التهديدات الأميركية، في مؤتمر صحفي امس الأحد: “إذا كانت إيران هي الحامي الحقيقي للمنطقة والمياه الدولية، ووفقًا للنهج والأعراف الدولية والأميركية، فإن البرلمان يعتقد أيضا أن تكلفة ذلك يجب أن تدفع من قبل المراكز التجارية وجميع السفن العابرة في المنطقة على شكل رسوم جمركية”.
وأوضح زادة هاشمي أن هذه الرسوم لن تشمل السفن والمراكز التابعة للدول التي لم تعترف بالعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على ايران، مؤكدا أن طهران يمكنها تعيين سقف هذه الرسوم مع إمكانية رفعها أو خفضها أو إلغائها نهائيا بالنسبة لبعض الدول.
وكانت إيران قد هددت مراراً بإغلاق مضيق هرمز في حال منعت من استخدامه.
وفي الأسابيع الأخيرة شهدت مياه الخليج ومضيق عمان سلسلة هجمات استهدفت سفنا تجارية وناقلات نفط، لم يتبن أي طرف المسؤولية عنها. 
 
الاتفاق النووي
الى ذلك قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال اتصال مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون: إن تقليص طهران التزاماتها النووية الأخيرة “يصب في إطار الاتفاق النووي وللحفاظ عليه”.
ووفقا لموقع الرئاسة الإيرانية، فقد أكد روحاني، ضرورة التزام الاتحاد الأوروبي بمسؤولياته تجاه الاتفاقات الدولية وقرارات مجلس الأمن، مشيرا إلى أن رفع العقوبات الأميركية عن طهران “يمكن أن يكون بداية لتحرك جديد بين إيران والدول 5+1”.
وأكد أن إيران تعتبر الإجراءات الأوروبية للتعويض عن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، غير ناجعة، مضيفا أن الضغوط الأميركية الاقتصادية على إيران تعتبر “خطوة إرهابية وحرباً اقتصادية بكل المعايير”.  
في المقابل أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه اتفق مع الرئيس الإيراني   على بحث الشروط اللازمة للخروج من أزمة الاتفاق النووي بحلول 15 تموز  الجاري.
وقال مكتب الرئاسة الفرنسية في بيان : “رئيس الجمهورية اتفق مع نظيره الإيراني على أن يستكشف بحلول 15 تموز الجاري  شروط استئناف الحوار بين الأطراف كافة”.
وأضاف البيان أن ماكرون عبر خلال المكالمة الهاتفية التي استغرقت أكثر من ساعة، عن قلقه البالغ بشأن المخاطر المترتبة على إضعاف الاتفاق النووي وتبعاته المحتملة، مشيرا إلى أنه سيواصل المحادثات مع السلطات الإيرانية والشركاء المعنيين “للمشاركة في وقف تصعيد التوتر المرتبط بالقضية النووية الإيرانية”.
وسبق أن أصدرت الرئاسة الإيرانية بيانا عقب المباحثات بين روحاني وماكرون، وقال الرئيس الإيراني، فيه إن رفع جميع العقوبات عن طهران “يمكن أن يكون بداية لتحرك جديد بين إيران والسداسية الدولية”، داعيا الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق إلى بذل المزيد من الجهود من أجل الحفاظ عليه في ظل العقوبات
 الأميركية.
ووصف روحاني، الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة منذ انسحابها من الاتفاق النووي بـ”الإرهاب والحرب الاقتصادية”. 
 
خيارات مطروحة 
في الوقت نفسه اعتبرت إيران أن جميع الخيارات مطروحة حول مصير الاتفاق النووي، ومع أنها قلصت التزاماتها بهذا الاتفاق، إلا أنها أشارت إلى أن أبواب الدبلوماسية ما زالت مفتوحة.
وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مؤتمر صحفي، “سنبعث برسالة اليوم للاتحاد الأوروبي بأننا سنخفض التزاماتنا وهي خطوة تهدف إلى الحفاظ على الاتفاق النووي الموقع عام 2015”.
وأضاف:”إيران نفذت الاتفاق النووي بحسن نية والتزمت به لأكثر من عام بعد انسحاب واشنطن”، معتبرا الإجراءات الجديدة حقاً مشروع لبلاده بعدما نفد صبرها الستراتيجي.
وذكر عراقجي أن بلاده “أعطت فرصة للالتزام بالاتفاق النووي وتخفيض التزاماتنا لا يعني الخروج من الاتفاق”، مشيرا إلى أن طريق الدبلوماسية مازال مفتوحا وربما تكون هناك أفكار في ما يخص بيع النفط واستعادة أمواله.
كما أعلن أن إيران ستقدم مهلة ستين يوما أخرى للحفاظ على الاتفاق النووي وإيجاد حلول، مضيفا “إذا لم يتمكن الأوروبيون من تلبية مطالب إيران فسنستمر في خفض التزاماتنا بالاتفاق النووي خطوة تلو أخرى”.
وتابع “سنقدم شكوى بشأن الخطوات التي أقدمت عليها أميركا بعد انسحابها من الاتفاق النووي”.
وقال :”لا مانع لدينا من مشاركة واشنطن في أي مفاوضات بين إيران والدول المتبقية في الاتفاق النووي شرط رفع العقوبات قبل ذلك”.
وتابع:”سنخيب آمال أميركا من العقوبات وسنجبرها على التراجع عن سياساتها ضد إيران وسنتجاوز المرحلة بسلام”.
ومع ذلك أعلن عراقجي أن: “انسحاب إيران من الاتفاق النووي مطروح في حال لم تف بقية الأطراف بالتزاماتها” مشيرا إلى أن إيران لاتعلق آمالا على نظام “اينستكس” للالتفاف على العقوبات الأميركية، أو على أي دولة أخرى لكنها ستستفيد من أي فرصة.
وأكد أن بلاده لم تغلق الطريق الدبلوماسية أمام أوروبا، وأن اللقاءات الدبلوماسية العلنية وغير العلنية والاتصالات مع أوروبا ستتواصل.
ولفت عراقجي الى ان طهران لا تعول على القناة المالية “اينستكس” ولا الأوروبيين، لكنها تسعى لفتح الباب لمساعدة اقتصادها، مشيرا إلى أن إيران طرحت على هذه الدول مسألة التبادلات المالية بالعملة المحلية. 
وقال عراقجي خلال مؤتمر صحفي صباح اليوم الأحد لإعلان الخطوة الثانية لتخفيض طهران من التزاماتها بالاتفاق النووي: “نحن في الحرب الاقتصادية التي أعلنها السيد ترامب نتخذ أي خطوة إلى تأمين مصالح إيران وسوف نذهب إلى أي خطوة تساعدنا في ذلك ولدينا برامج مع الصين وروسيا والهند في هذا الصدد”.
وأضاف عراقجي “لا نعول على القناة المالية ولا الأوروبيين ولا أي بلد آخر لكن من الممكن أن تفتح الباب لمساعدة اقتصادنا”، مضيفا “لدينا برامج مع هذه الدول وطرحنا مسألة التبادلات المالية بالعملية المحلية”.    
 
مفاعل أراك
اما بخصوص مفاعل أراك فقد اعلن عراقجي أن بلاده تمتنع حاليا عن تفعيل مفاعل أراك بعد تلقيها وعودا من الأطراف المعنية الأوروبية بتنفيذ التزاماتها.
وقال عراقجي: إن رسالة ظريف الى موغيريني تعد موضوع مفاعل أراك موضوعا منفصلا، وفي حال لم تتمكن الأطراف الباقية في الاتفاق النووي من العودة الى الجدول الزمني بشأن تحديث مفاعل أراك، ستقوم إيران بإكمال وإنشاء مفاعل أراك بناء على الصيغة السابقة. وأضاف عراقجي أن تقدما جيدا تحقق خلال الشهرين الماضيين في مفاعل أراك، وقد عقدت مجموعة العمل الخاصة بأراك اجتماعات عمل جيدة برئاسة الصين وبريطانيا، وتم التوقيع على بعض العقود، وبعضها قيد التفاوض”،ومن الناحية التقنية والتخصصية حققنا تقدما جيدا، ونحن نرصد كما في السابق، تقدم الأمور في أراك”، لكنه أشار إلى أن طهران ستتخذ قرارا آخر  إذا لم يتم تنفيذ الجدول الزمني المطلوب في مواصلة تحديث مفاعل أراك، وستحدد فترة للتأكد من تلبية المطالب الإيرانية. 
  
الطاقة الذرية
بدورها ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، امس الأحد، أن مفتشي الوكالة الموجودين في إيران سيرفعون تقريرا للوكالة بمجرد تأكدهم من زيادة طهران مستوى تخصيبها اليورانيوم عن الحد الذي يسمح به الاتفاق النووي.
وقال متحدث باسم الوكالة التابعة للأمم المتحدة: “نحن على علم بإعلان إيران بشأن مستوى تخصيب اليورانيوم”.
وأضاف “مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران سيرفعون تقريراً لمقرنا الرئيس بمجرد تحققهم من التطور الذي أعلنت عنه إيران”.  
 
موقف روسي
من جانبه أعلن مندوب روسيا الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف،أن قرار إيران في تجاوز تخصيب اليورانيوم متوقع وأن طهران تتصرف بشفافية. وقال أوليانوف لوكالة “سبوتنيك” الروسية: “كان هذا متوقعا. الإيرانيون يتصرفون بشفافية وأعلنوا خطواتهم مقدما ويقومون الآن بتنفيذها، لذلك لم يكن مفاجئا لأحد”. وأضاف: “السؤال حول إلى أي مدى سيرتفع مستوى التخصيب. على حد علمي، لا يمكن تحديده إلا بعد عدة أيام بسبب طبيعة العملية”.
وتابع أوليانوف القول: “من الواضح أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستقوم بعملية القياس وتبلغ مجلس المحافظين بالنتائج. مثل هذا التقرير الواقعي سيكون في الوقت المناسب للدورة الاستثنائية لمجلس محافظي الوكالة التي دعا لها الأميركيون في 10 تموز  الجاري”.   
في الوقت نفسه أعلن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، قسطنطين كوساتشيف،   أن مطالب إيران بالحفاظ على الاتفاق النووي لها ما يبررها، وأن مسؤولية الحفاظ عليه تقع على عاتق الولايات المتحدة. وقال كوساتشيف  الشيء الرئيسي في الوضع الحالي ليس المعايير المادية لتخصيب اليورانيوم، ولكن استعداد إيران السياسي للعودة إلى تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني، “إذا ما قامت واشنطن بضمان نهج مشابه”.
وأضاف “أن الكرة تقع على الجانب الأميركي، وهي وحدها التي تستطيع إنقاذ الاتفاقيات، وبالمناسبة المصدقة من قبل مجلس الأمن الدولي”. 
 
تخصيب اليورانيوم
 ماذا يعني ان ايران بدأت برفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى مستوى خمسة في المئة ؟
يعد اليورانيوم المخصب مادة مهمة، تنتجها مولدات الطاقة النووية المدنية في إيران التي أسست منشأتين لتخصيب اليورانيوم، وهما “نطنز” و”فوردو”.
ويمكن استخدام اليورانيوم منخفض التخصيب، الذي يحتوي على نسبة من U235 تتراوح بين 3 و4 بالمئة، لإنتاج الوقود لمحطات الطاقة النووية، لكن يمكن تخصيبه أيضا لنسبة 90 بالمئة المطلوبة لإنتاج قنابل نووية.
قبل توقيع الاتفاق النووي، كانت إيران تمتلك مخزونا كبيرا من اليورانيوم المخصب، نحو 20 ألفا من أجهزة الطرد المركزي، الأمر الذي كان كافيا لإنتاج ما بين 8 إلى 10 قنابل نووية، بحسب تقديرات البيت الأبيض.
ووقتها، قدر خبراء أميركيون أن إيران لو قررت إنتاج سلاح نووي سيكون أمامها شهران أو 3 أشهر فقط للحصول على كمية كافية من اليورانيوم المخصب بحدود 90 في المئة، وهي الكمية اللازمة لإنتاج القنبلة. 
وبعد 2015، وبموجب اتفاق وقعته إيران مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي(الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا)، بالإضافة إلى ألمانيا، كان لزاما على إيران بيع فائض اليورانيوم المخصب لديها إلى الخارج، بدلا من الاحتفاظ به.
وأجاز الاتفاق النووي تصدير اليورانيوم المخصب لمنع ارتفاع المخزون الإيراني منه عن القدر المسموح، وهو 300 كيلوغرام.
وبحسب الاتفاق، وافقت إيران على خفض مخزونها من اليورانيوم بنحو 98 بالمئة إلى 300 كيلوغرام لمدة 15 عاما، والتزمت بمستوى تخصيب بحدود 3.67 بالمئة.
لكن أمام العقوبات الأميركية، هدد الرئيس الإيراني حسن روحاني بمواصلة بلاده تخصيب مخزون اليورانيوم في الداخل، بدلا من بيعه إلى الخارج، الأمر الذي يعني ارتفاع المخزون الإيراني عن القدر المسموح.
وتحتاج إيران إلى نحو طن من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67 بالمئة للتوصل من خلال عمليات تخصيب متتالية إلى حيازة 20 كلغ من اليورانيوم 235 المخصب بنسبة 90 بالمئة، وهي الكمية التي تعتبر ضرورية لصنع قنبلة نووية، وهذا ما يثير المخاوف بشأن إعلان إيران يوم امس الأحد زيادة نسبة التخصيب.وامس، قال مسؤولون إيرانيون كبار، في مؤتمر صحفي: إن طهران ستواصل تقليص التزاماتها في الاتفاق النووي، كل 60 يوما، ما لم تتحرك الدول الموقعة الأخرى على الاتفاق لحمايته من العقوبات الأميركية.