حمزة مصطفى
يصمت السياسيون العراقيون سنة كاملة ثم تنفتح شهيتهم في رمضان. لا اعرف الصلة بين الشهر الفضيل وبين الأحاديث والحوارات السياسية، التي يرتفع فيها “الأدرينالين” لإخوة موزة. حين أقول يصمتون سنة كاملة لا أعني إطلاقا عدم وجود لقاءات أو أحاديث أو تصريحات خلال السنة وربما تكون بعضها نارية أيضا. لكنها بالقياس إلى ما يحصل خلال شهر رمضان تبقى فردية إلى حد كبير. ففي شهر رمضان تنقسم الفضائيات إلى نوعين. فهناك الفضائيات التي تهتم بالمسلسلات الخاصة في شهر رمضان، وهذه تأخذ حصة كبيرة من المشاهدات خلال الشهر الفضيل. وبعد الشهر الفضيل تبقى الفضائيات “تكطك” بيها طوال أيام السنة باعتبار هي وحدها من تملك الحق الحصري في بثها كونها هي من أنتجتها أو اشترت حقوق بثها.
النوع الآخر هي الفضائيات الإخبارية والبرامج السياسية. وهذه الفضائيات يتوجب عليها إعادة ترتيب وضعها لكي تبقى في دائرة الضوء من حيث المشاهدات ولكي لا تأخذ الفضائيات ذات المسلسلات جمهورها منها. لذلك تعمد إلى إعادة النظر في دورتها البرامجية خلال الشهر الفضيل بدءا من توقيت نشرات الأخبار إلى الاستغناء مؤقتا عن بعض البرامج السياسية أو ما يشبهها إلى ما بعد رمضان مع التركيز على برنامج حواري واحد هو الرئيس فيها يدخل دائرة المنافسة مع البرامج النظيرة الأخرى في الفضائيات
النظيرة.
ولأن عدد السياسيين لاسيما أولئك الذين تصلح تصريحاتهم أخبار تازة ومثيرة أحيانا قلة بالقياس إلى أيام الشهر (ثلاثين يوما) أو عدد الفضائيات فإن المنافسة تشتد لحجز أكبر عدد من هؤلاء السياسيين ممن تصلح تصريحاتهم عواجل. المفارقة اللافتة أن معظم تصريحات السياسيين خلال شهر رمضان تكون دسمة ومثيرة وقابلة للجدل والأخذ والرد لكن مؤقتا. المفارقة الأخرى تتمثل في من تستهدفهم الفضائيات من السياسيين، وهم في العادة الذين يستطيعون أن يستخرجوا من تصريحاتهم عناوين للأخبار والتي تملأ فضاء السوشيال ميديا جدلا وربما صراعات بين الجمهور الذي يدخل على الخط مؤازرا مرة ورافضا مرة مع قليل من الحياد في كل المرات.