هل فيلم {سنو وايت} تفاحة مسمومة؟

ثقافة 2025/03/18
...

  ترجم: ثريا جواد


قبل خمس سنوات، لا بدَّ أن إعادة إنتاج فيلم "سنو وايت والأقزام السبعة"، أول فيلم رسوم متحركة طويل من إنتاج شركة والت ديزني، بتكلفة 250 مليون دولار، بدت فكرة رائعة للمديرين التنفيذيين للشركة، الذين بذلوا قصارى جهدهم لإعادة إنتاج كلاسيكيات الاستوديو القديمة إلى أفلام حركة حية معاصرة.

لكن الفيلم الذي اختصر اسمه إلى "سنو وايت" من إنتاج ديزني، والمقرر عرضه في دور السينما هذا الأسبوع - تحول إلى صداع شديد للأستوديو وبالكاد سُمح للصحافة بالاقتراب من نجمتي الفيلم "رايتشل زيغلر" ذات الأصول الكولومبية البولندية والتي تلعب دور "سنو وايت"، والممثلة "غال غادوت"، التي تلعب دور الملكة الشريرة ولا يوجد أقزام.

ولكن لماذا يُسبب فيلم مقتبس من قصة خيالية أنموذجية - عن ملكة شريرة، تغار من جمال ابنة زوجها، فتأمر بقتلها، لتكتشف أنها مختبئة في كوخ مع سبعة أقزام، ثم تُسمّمها بتفاحة مُخدّرة، فتغفو بنوم عميق، ولا تُوقظ إلا بقبلة أمير - كل هذا الإزعاج؟

يتخلى الفيلم عن السجادة الحمراء التقليدية في "ليستر سكوير" هذا الأسبوع؛ فتوقعات مبيعات التذاكر المسبقة باهتة، ولم يُعرض على النقاد.

سواءً كان الأمر جيداً أم سيئًا، فإن الفيلم الجديد مُقدَّرٌ له أن يُثير ردود فعل عديدة. ويقول ستيفن غالاوي، عميد كلية دودج لفنون السينما والإعلام بجامعة تشابمان في كاليفورنيا، والمحرر التنفيذي السابق لمجلة هوليوود ريبورتر: إنه ورطة حقيقية، ولكن، في الواقع، ماذا كانوا يتوقعون؟ ستواجهون هذا الأمر بفيلم يُدعى "سنو وايت" من الصعب تخيُّل فيلم في عصر التنوع والمساواة والشمول هذا، أو عصر ما بعد التنوع والمساواة والشمول، أكثر إثارةً للجدل والاستقطاب - وديزني تُركِّز على عدم الاستقطاب، وجمع الناس معًا، وتجنب الجدل بأي ثمن.

شرعت ديزني في برنامج لإعادة ابتكار أعمالها السابقة من أفلام الرسوم المتحركة بنسخ حية مع فيلم "أليس في بلاد العجائب" في العام 2010، ثم تابعت ذلك مع "سندريلا 2015"، و"كتاب الأدغال 2016"، و"الجميلة والوحش 2017". 

واجهت الممثلة ذات البشرة السوداء "هالي بيلي"، والتي لعبت دور البطولة في النسخة الجديدة من فيلم "حورية البحر الصغيرة" في العام 2023، ردود فعل عنصرية بعد اختيارها لأداء دور "أرييل"، التي كانت بيضاء البشرة في فيلم الرسوم المتحركة  في العام 1989.

وتعرضت "زيجلر" نجمة فيلم "سنو وايت"، وهي لاتينية، لاعتداءات مماثلة لكن "سنو وايت" تصل إلى شاشاتنا أيضًا بمجموعة مختلفة من المشكلات، وصرحت "زيجلر" لمجلة "فانيتي فير" في العام 2022 أن الناس كانوا يسخرون من نسختنا باعتبارها "سنو وايت" الشخصية السياسية، إنه فيلم كرتوني عمره 85 عامًا، ونسختنا قصة منعشة عن امرأة شابة لها وظيفة تتجاوز "يومًا ما سيأتي أميري". 

ربما توقعت ديزني جدلاً قادماً عندما أعادت افتتاح لعبة "أمنية سنو وايت الساحرة" التي أُعيدت تسميتها في ديزني لاند في العام 2021، وُجهت إليها انتقاداتٌ لاستمرار التجربة المُحسّنة في تقبيل الأمير الساحر لسنو وايت النائمة من دون موافقتها ووُصفت القبلة بأنها حبٌّ حقيقي، لا شهوة، لأن الأمير ظنّ أنها ماتت.

صرحت ديزني أنها استشارت أعضاءً من مجتمع الأقزام "لتجنب تعزيز الصور النمطية"، وأنها ستستبدل السبعة بـ "مخلوقات سحرية".

يقول "بيتر كونزي" المؤرخ في جامعة تولين في نيو أورلينز ومؤلف كتاب "العودة إلى المسرح: برودواي، هوليوود، ونهضة ديزني"، إن: ديزني واجهت صعوبةً في إدارة عملية الانتقال من الرسوم المتحركة إلى أفلام الحركة الحية، تمامًا كما نجح والت ديزني في جعل الرسوم المتحركة أكثر واقعية في فيلم "سنو وايت" مقارنةً بفيلم "ميكي ماوس".

ويضيف كونزي أنّ "هناك تساؤلات حول الأصالة تصاحب هذا التحول فهم يبتعدون، في بعض النواحي، عن مبادئ أفلام الرسوم المتحركة، من الخيال أو الواقع المُزيّف، ويتجهون نحو المزيد من الواقعية والسؤال المثير للاهتمام ليس ما إذا كان هذا حقيقيًا، بل ما هي الطرق التي تعتقد ديزني أنها حقيقية بها، وكيف يتفاعل الجمهور معها؟".

قد تكون ديزني معيارًا يُمثل هدفًا كبيرًا وسهلًا في الحروب الثقافية، و"سنو وايت" هي الهدف الأكثر عدالة من بينها في أرشيفها، وإذا كان الفيلم جيدًا بما يكفي، فقد يتمكن من اختراق الانتقادات الثقافية. 

منذ البداية كانت "سنو وايت" بطلة أكثر بياضًا من البياض في وقت تبتعد فيه هوليوود عن ذلك أنقذها الأمير الساحر في حين أن هذا يُمثل صورة شوفينية وسبعة أقزام، في حين أن كلمة قزم تُعتبر سلبية لم يتسلل أي من هذا إلى ديزني على حين غرة، لكن "سنو وايت" هي أيضًا كلاسيكية الكلاسيكيات، فهي للرسوم المتحركة كما هاملت للمسرح.