نوارة محمد
أراد طارق إمام في (ماكيت القاهرة) أن ينقلنا في حركة سردية متقلبة وغرائبية إلى القاهرة عام 1945، نحن هكذا أمام سحر موصول، وحراك مفاجئ وعجيب لا ينفكّ عنه وانتقال مباغب في حركة احداث هذه الرواية التي ترشحت عام 2022 إلى قائمة بوكر القصيرة. طارق إمام في هذه الرواية يضع قُراءه أمام مجموعة من التساؤلات المنطقية واللا منطقية، ويترك لهم مهلة التفكير على هذا النحو، الرواية تستطرد في ذلك على نحو لا يترك خصوصا أن سرعة التغير الهائل في الأحداث والمفصليات تجعلهم مُذهولين بحسب النُقاد والمهتمين، وهي بهذا تنتعش بأسرارها ومفارقاتها ببُيتها الواقعية الممزوجة
بالخيال.
وعلى غير المعتاد، في أعماله السابقة ينطلق طارق إمام في "ماكيت القاهرة" - الصادرة عام 2021 عن "منشورات المتوسط" إيطاليا- من لحظة محددة في الزمان والمكان المتزامن مع انطلاق ثورة 25 يناير 2011 في ميدان التحرير التي شهدها قلب العاصمة المصرية، وهي مقدمة الرواية غير التقليدي لمدينة تاريخية مثل القاهرة، التي جاءت -في هذه الرواية- مدينة فقدت هيبتها أمام ماكيت مصغّر لها، بحيث تضاءلت تدريجيا إلى أن صارت صحراء نحو
عام 2045.
نعم، هذه واحدة من أكثر التجارب الجديدة إدهاشا وتعبيرا عن جيل جديد في الكتابة تخلَّص من طُرق الكتابة الكلاسيكية وبات قادرا على أن يخلط في كتاباته بين الأمكنة والأزمنة خلطا ذكيا. و( ماكيت القاهرة) انموذجا لذلك، رغم أنها لا تقدم للقارئ إلاّ أوهامًا
سعيدة.