قصص النجوم في شهر رمضان

د.عدنان لفتة
مع رمضان الخير نستذكر قصص نجوم كرة القدم وحكاياتهم، إذ نلقي الضوء في كل أسبوع على مجموعة منهم من مختلف الأجيال والذين مرّوا على كرتنا بقديمها وجديدها ليحكوا حكايات حدثت لهم وما زالت عالقة في أذهانهم.
خطة الفوز على سامراء
تحدّث المدرب الكبير عبد الإله عبد الحميد عن قصة عاشها في شهر رمضان المكرم حيث يقول: في موسم (1993 – 1994) كنت مدرباً لفريق القوة الجوية ولدينا مباراة صعبة مع فريق سامراء الذي كان يقوده الكابتن عدنان حمد لاعباً ومدرباً، فريق سامراء صعب جداً في ملعبه وليس سهلاً الفوز عليه في ملعبه الأثري القريب من ملوية سامراء التاريخية، الأندية البغدادية كانت تذهب في نفس يوم المباراة صباحاً وتعود بعد المباراة لقرب المسافة بين بغداد وسامراء والتي تبلغ نحو (125) كيلومتراً.
وقد أقلقني سهر لاعبي الجوية حتى ساعات الصباح في الأماسي الرمضانية للعب المحيبس وخاصة نجوم الفريق حينها سمير كاظم ووليد ضهد حيث كنت أشاهدهم تلفزيونياً في بطولات المحيبس التي ينقلها التلفزيون. ولأهمية المباراة والمنافسة على اللقب مع الزوراء ولصعوبتها مع منافس عنيد في ملعبه. طلبت من إدارة القوة الجوية السفر قبل يوم من المباراة كي أؤمّن التزام اللاعبين وعدم سهرهم وللتركيز على المباراة وكان هذا الطلب نادراً في حينه لتكاليفه المالية الإضافية. ساعدتنا رابطة مشجعي النادي بتوفير مبلغ السفر إلى سامراء وذهبنا عصراً قبل يوم وأيضاً سفرنا المبكر سيجبر اللاعبين على الإفطار وهو ما يمنحنا فريقاً قوياً لا يتأثر بمتاعب الصيام لو بقوا عليه.
وللتخفيف عن اللاعبين مساء أقمت مباراة للمحيبس بين لاعبي الفريق كي أرفع من معنوياتهم وأيضاً للتأكيد على نومهم مبكراً فقسمت الفريق على مجموعتين: كرخ ورصافة لخوض مباراة المحيبس التي سادتها لحظات جميلة وأجواء رائعة بين عموم اللاعبين، وفي يوم المباراة تحققت الأهداف التي جئنا من أجلها وتكللت بالفوز بثلاثة أهداف نظيفة على فريق سامراء قاهر الكبار في ملعبه الصعب وجمهوره الكبير. كانت تجربة فريدة. بالسفر للمحافظات القريبة من بغداد والمباريات تجري في أوقات الظهيرة وفي درجات حرارة عالية يفقد فيها اللاعبون السوائل والأملاح.. لكننا من حمد الله وبتخطيطنا الصحيح خلقنا أجواء مثالية أسهمت في عودتنا السعيدة إلى بغداد بالنقاط الثلاث المهمة. والتغلب على صعوبات الملعب والصيام ودرجات الحرارة العالية.
أجمل ذكرى مع الشباب الإماراتي
لا ينسى الكابتن خلف كريم مدرب فريق الطلبة في الثمانينيات أجمل أيام له في عالم الاحتراف وموعدها في شهر رمضان الذي سجل ذكرى عزيزة في قلبه تمثلت في تجربة مع نادي الشباب الإماراتي فيقول: عشت أجمل الأوقات في نادي الشباب الذي انتقلت للعمل به عام (1992)، والبداية الاحترافية في النادي العربي الإماراتي عام (1990) بتدريب الفريق الأول في دوري الدرجة الثانية وفي موسم (1994) تعرض نادي الشباب إلى سلسلة من الهزائم كادت تؤدي إلى هبوط الفريق إلى دوري الدرجة الثانية مع العلم أنَّ نادي الشباب كان بطلاً لأندية مجلس التعاون الخليجي عام (1992).
اجتمعت الإدارة بقيادة السيد يوسف السركال وقررت الاستغناء عن الكادر التدريبي الأجنبي وإناطة المهمة بي وكان الهدف هو البقاء في الدوري، والحمد لله تحقق هدف البقاء في الدوري بعد مباريات صعبة خضناها للحفاظ على كيان الفريق، الجزء الأهم في هذه الحكاية هو بطولة الكأس... كان هناك توقف لمدة ثلاثة أسابيع بعد نهاية الدوري. بدأنا الإعداد للكأس.. فأبعدت (14) لاعباً من القائمة المسجلة في الاتحاد، واستعنت بـ(8) لاعبين من فريق الشباب و(3) لاعبين من فريق تحت (21) سنة.
كان لزاماً علي أن أغير في مراكز اللاعبين وأشرك لاعبين صغار السن.. الفرق المشاركة في الكأس قسمت على مجاميع ويصعد الأول والثاني من كل مجموعة إلى دور الستة عشر ثم بعد ذلك التسقيط الفردي... راهنت على لاعب كان يلعب بمركز ظهير مع المدربين الذي سبقوني في تدريب النادي... اسمه بخيت سعد، تكلمت معه وقلت له بالحرف الواحد هذا ليس مركزك، قال لي وفي أي مركز تريدني أن ألعب... قلت المهاجم الصريح وإذا لم تحصل على لقب هداف الكأس سأترك تدريب كرة القدم... قال لي وأنا مستعد لأي مركز... توكلنا على الله... في أول مباراة سجل هدفين وفي المباراة الثانية أحرز هدفين... تأهلنا في صدارة المجموعة... وفي دور الستة عشر قابلنا نادي الجزيرة الذي كان السبب في الإطاحة بالمدرب السابق للفريق وتسميتي لمهمة تدريب نادي الشباب... لأنه فاز عليهم برباعية، ذهبنا إلى المباراة في ملعب القطارة في العين... وفزنا بنتيجة مذهلة بثلاثة أهداف وأحرز الهاتريك بخيت سعد... تأهلنا إلى ربع النهائي وفزنا بهدف واحد لنصل إلى نصف النهائي... العين.. الوحدة.. الأهلي. الشباب... مدربو العين والوحدة والأهلي كلهم قامات معروفة في تاريخ الكرة، البرازيلي أميرالدو زميل نجم الكرة العالمي بيليه (1962)... كارلوس ألبرتو (1970) كأس العالم... وآخر كان مدرباً يعمل بالكويت...
في دور النصف النهائي تقابل العين مع الوحدة وفاز العين (1 - صفر). والنصف النهائي الآخر الأهلي والشباب... انتهت المباراة بفوزنا على الأهلي بأربعة أهداف لهدفين سجل اللاعب بخيت سعد هدفين... ليكون موعدنا في المباراة النهائية ورعاية الشيخ زايد رئيس الدولة... وتنتهي المباراة بفوزنا على العين (1 – صفر) ويسجل بخيت سعد هدف الفوز الأغلى... قاد المباراة الحكم المونديالي علي أبو جسيم ومعلق المباراة علي سعيد الكعبي الذي مدحني كثيراً... الجاليات العربية ملأت الملعب تشجيعاً لي ولنادي الشباب...
يوم لا ينسى وتاريخ أعتز به... وكسبت الرهان مع بخيت سعد... الذي تألق بعد تلك المباراة ليكون المهاجم الثاني مع عدنان الطلياني في منتخب الإمارات.
نشيد خاص لأهدافي
يشعر النجم الدولي عبد الوهاب أبو الهيل بالفخر والاعتزاز لمسيرته الذهبية الاحترافية مع فريق سابهان الإيراني الذي مثله لأربعة مواسم (2005 – 2009) ويتحدث عن قصته الأبرز في شهر رمضان خلال قمة مباريات الدوري عام (2007) بمواجهة فريق الاستقلال فيقول: كنت صائماً وموعد المباراة محدد بعد ساعة واحدة مساء بعد الإفطار فكان فطوري خلال عمليات الإحماء على أرض الملعب وهو عبارة عن ماء وتمر وشاي لكنني كنت متحفزاً للمباراة التي جرت بحضور جماهيري كبير غصت به مدرجات الملعب وقدمنا فيها مستويات كبيرة ففزنا بهدفين مقابل هدف واحد وأنا سجلت الهدفين والأجمل كان هدف الحسم في الدقيقة (90) الذي جعلنا نضمن إحراز درع الدوري كوننا هزمنا المنافس المباشر وبرغم الجوع والعطش ومتاعب الصيام كانت انتعاشة الفوز لا توصف وقد قامت إدارة النادي ومشجعوه بإعداد أنشودة للنادي لمناسبة حسم لقب الدوري وفوزنا بهذه المباراة والإشادة الكبرى كانت بما قدمته خلال المباراة الحاسمة.
كانت أياماً جميلة مع هذا الفريق الكبير ففزنا معه أنا وزميلي الكابتن عماد محمد مرتين بلقب بطولة الكأس ومرة بلقب الدوري وحللنا في المركز الثاني لدوري أبطال آسيا وشاركنا في كأس العالم للأندية وسجلت في كأس العالم.
معاناة الصيف اللاهب ورمضان
لاعب الزوراء السابق موفق عبد الوهاب قضى مواسم جميلة مع الفريق الأبيض وهو يتذكر الصعوبات التي كانوا يواجهونها كلاعبين خلال شهر رمضان حيث يستذكر ذلك قائلاً: إنَّ أكثر المباريات في رمضان كنا نخوضها ونحن صيام حيث نلعب في عز الظهيرة عند الساعة الثالثة عصراً في أيام الصيف والحر اللاهب والجمهور أغلب الأحيان لا يعذر اللاعب خلال عدم تقديمه المستويات المطلوبة وهذا طبيعي لكن في أغلب المباريات كنا نقدم ما مطلوب والحمد لله، والحقيقة كنا نخوض صراعات مع بعض المدربين فهم يريدون منا الإفطار في المباريات خلال رمضان لتقديم مستويات أفضل وللطرفة كان الإداريون يطالبون اللاعبين بالسفر إلى محافظة ديالى من أجل الرخصة الشرعية للإفطار. وفي أغلب المباريات المهمة كان يتم حجزنا بالفندق للمحافظة على توقيتات التدريبات والتزام اللاعبين بساعات النوم الكافية وأيضاً من أجل غذاء مناسب صحياً فالوجبات كانت تتضمن نصف دجاجة مع شوربة العدس والسلاطة والتمر واللبن.
المباريات جميعها صعبة في شهر رمضان حتى بالنسية لغير الصائمين كونها تقام في الظهيرة لكن بالتأكيد الجماهيرية تكون أصعب كونك تقابل فريقاً يكون نداً لك وتختلف الحال مع فريق تتفوق عليه فنياً لكننا عموماً كنا نعاني في رمضان لأنه حينذاك لم تكن المباريات تقام ليلاً كما يحدث الآن فأغلب الملاعب بلا إنارة فندفع ثمناً قاسياً نتيجة الصيام والحر الشديد.