غرق المدن.. علةٌ وحلولٌ استراتيجيَّة

آراء 2025/03/24
...

 حسين الذكر


في أغلب دول العالم لا سيما المتطورة جدا منها وبإمكاناتها المعروفة، نشاهد عبر وسائل الاعلام صور حية عن كيفية تعرضها إلى – ما يسمى بالكوارث الطبيعية – من قبيل العواصف والفيضانات والحروق والأمطار. التي تسبب حوادث غرق لشوارع وربما مدن وقد تؤدي إلى موت عدد من المواطنين، فضلا عن خراب وهدم الممتلكات ودمار البيئة وبرغم كل الإمكانات، التي تمتلكها بعض الدول إلا أنها تقع عرضة لهكذا حوادث تعد خارج السيطرة والشواهد عديدة بمختلف بقاع العالم.

مر العراق بأيام يكون نزول المطر فيه على شكل زاخ عاصف بسماء غائمة محملة بالمطر والبرد – الحالوب – بشكل سريع مكثف تغدو به الأراضي عبارة عن مسطحات مائية وجداول عصية السيطرة، لا سيما لمنظومة مجارٍ قديمة مهترئة لا تحمل وتستوعب الحالة، ما يؤدي إلى شبه تعطل للحياة في اغلب المدن لا سيما للمدارس مع انها وبحمد الله لا تؤدي إلى خسارة بالأرواح والممتلكات الا بحدود ضيقة جدا.. إلا أنها بكل الأحوال تعد حالة مرضية مستعصية، لا بد للحكومة أن تضع بحساباتها حلا استراتيجيا لها.

هنا لا بد من استعراض - بصورة اكثر واقعية - البيئة العراقية لأغلب المحافظات عامة والعاصمة بغداد خاصة، التي بنيت مدنها وشوارعها وفقا لتخطيط عمراني قديم يعود إلى مطلع القرن المنصرم مع بداية تأسيس الحكم الملكي بالعراق أو أبعد من ذلك بكثير، اذ كان التخطيط فيها مرتكزا على احصاءات نفوس لا تتجاوز خمسة ملايين نسمة، وعدد البنايات والشوارع محدود جدا.. فيما اليوم تعدى حاجز الإحصاء العراقي عتبة الاربعين مليون نسمة، وأغلب المدن تمثل (تكثيفا وتزخيما) للتخطيط القديم بعقليته وحدوده وإمكاناته الانشائية التأسيسية الأولى.. مما جعل عمليات الإصلاح وتجاوزها الاخطار الطبيعية لا سيما الفيضانية شبه مستحيلة.

بهذا الصدد لابد وان تكون هناك نظرة منصفة وقول حق للجهود الحكومية والبلدية المبذولة بهذا الصدد.. فقد شاهدنا موظفي البلدية بسياراتهم وآلياتهم وادواتهم مستنفرين دوما وفي عز الازمة يعملون ليل نهار بظروف معقدة صعبة والأتعس أن جهودهم المخلصة لم تأتِ بحلول ونتاج يؤدي إلى طموح المواطن مما جعلهم عرضة للنقد.

لو وقفنا على عتبة الحل لنستطلع فضاء الأزمة على ما جرى سنجد ان رؤية الحل تكاد تكون معدومة في ظل التخطيط القديم واليات العمل القائمة.. فإن الحل يتطلب بناء مدن جديدة وفقا لتخطيط هندسي أحدث وأن تشمل العملية جميع المحافظات والمدن العراقية لتخفف الزخم عما تعانيه من كثافة سكانية بنيوية، فضلا عن فتح آفاق لها لتدخل حيز العلاج الاستراتيجي وليس المؤقت.