بغداد: سرور العلي
لدى الفنان التشكيلي علي شاكر نعمة كل الأشياء قابلة للتوظيف في المنجز الفني، ولكن بشروط يحكمها الأسلوب والغائية، بمعنى تكييف الخامات والأدوات وتطويعها، وتوجييها صوب خلق خطاب فني يعد إستراتيجية يعمل عليها، ولها مرجعياتها الثقافية والبيئية والذاتية.
وأشار في حديثه لـ»الصباح»، إلى أن مسألة التأثر بالمدارس الفنية لا يمكن حسمها لصالح مدرسة فنية من دون غيرها، فهي مرهونة بنسق التطور والتحول، أما إذا تحدثنا عن التأثير كمرجعيات فاعلة في صياغة الأسلوب الشخصي، فيمكن القول إن للنزعة الشكلانية التي تبنتها مدارس الحداثة وما بعد الحداثة، هي الأكثر تأثيراً، وعلى سبيل الذكر منها الانطباعية والمستقبلية والتجريدية بتفرعاتها الغنائية والثيوصوفية، ومن ثم التجريدية التعبيرية.
وعلي شاكر نعمة من مواليد بابل، الحلة 1972، وحاصل على شهادة الدكتوراه في فلسفة الفن الحديث، وعضو نقابة وجمعية التشكيليين العراقيين، ويعمل حالياً أستاذ في كلية الفنون الجميلة، جامعة بابل.
والموضوعات التي يطرحها تميل إلى الكليانية والشمولية، ومناقشة القضايا الكونية التي تخص مباحث وجودية تتجاوز الهويات المحلية، إذ يجد أن الفن وسيلة للتواصل مع الإنسان المجرد من هويته المحلية، لذا يتطلب ذلك خطاباً على مستوى عال من التبسيط والتجريد شأنه في ذلك شأن الموسيقى، التي تدفعنا للاستمتاع بنغماتها دون الزامات دلالية محددة، من دون معانِ ترشدنا وتقررها عنا بالإنابة.
لنعمة الكثير من المشاركات الفنية داخل العراق وخارجه، وحاصل على جائزة الرسم الحر لشباب العراق 1993، وله معرض شخصي في الجزائر، جامعة الهواري بومدين 2001، ومعرض مشترك في المركز الثقافي، بيروت، ومعرض مشترك علي قاعة الشرقية في الرياض، السعودية، وشارك في سمبوزيوم مدينة ساليرنو، ايطاليا، ومعرض مشترك في مدينة باري، ايطاليا 2013، ومعرض تراتيل بابلية مؤسسة العويس الثقافية، دبي، ومعرض شخصي في تجريدات بيروت، المركز الثقافي العراقي.
ويرى أن الحركة التشكيلية العراقية تختزل حضارة العراق وتاريخه، وتمثل طليعة التشكيل العربي والشرق أوسطي، لما تمتلكه من جذور تاريخية خصبة ومتنوعة، وآرث حضاري وفكري هائل، وتلك الحركة أعادت تأسيس المشهد الثقافي العربي، إذ تأسست أولى الجماعات الفنية في خمسينيات القرن الماضي، ومن أهمها جماعة بغداد للفن الحديث على يد رواد الجماعة ومنهم «جواد سليم، وشاكر حسن آل سعيد، وفائق حسن» ومن هنا يمكن القول إن المشهد التشكيلي العراقي يمثل حالة الوعي والنضج في مجال التشكيل على المستوى العربي والإقليمي
والعالمي.
ولفت نعمة إلى أن الدراسة الأكاديمية لها أهمية خاصة، فهي تحدد هوية الفنان، ووضع تعريف إجرائي يمكن تأطير صفة الفنان وماهيته، فالفنان ذلك الإنسان الموهوب الذي يتمكن بفعل عوامل ذاتية وموضوعية من تطوير قدراته على التعايش والتأمل، وقراءة ما يدور من حوله وفق منهجية حدسية لا تتسق بالضرورة مع السياق، لاسيما أنه ينشد المغايرة والاختلاف والتجديد، بينما يمكن أن يندرج النشاط المهاري الحرفي تحت مسميات أخرى مثل رسام، ونحات، وموسيقي، ومتى ما تحقق شرط الملكة الإبداعية، والمقدرة على استشراف الغاية الجمالية عن طريق الإلهام أو الحدس عندها يكون الرسام فناناً في مجال الرسم، وإلا سيكون صانعاً للرسم على وفق ميكانيزم آلي حين يستنسخ الواقع المادي، بعملية إعادة تدوير لا أكثر.
ويستعد علي شاكر نعمة لإقامة معرض شخصي قريباً بعنوان «ورد»، على قاعة الاطرقجي للفنون في بغداد.