زهراء حسين
في حوار مع «الصباح»، كشف الفنان التشكيلي دهام حسن عن رؤيته العميقة للفن ودوره في المجتمع، معتبراً إياه لغة عالمية تتجاوز الحواجز الزمانيَّة والمكانيَّة. ينطلق الفنان من مفهوم أن العمل الفني ليس مجرد لوحة تزّين الجدار، بل هو حكاية إنسانية مصورة تحمل في طياتها فلسفة وجودية واجتماعية.
وأكد حسن تمسكه بالمدرسة الواقعية الحديثة التي تتيح له مزج الواقع بالخيال، حيث يجد في الشوارع القديمة والأسواق الشعبية والمواقع الأثرية مادة خصبة لأعماله. هذه الأماكن بنظر الفنان تمثل سجلاً حياً لتاريخ المجتمع وذاكرته الجمعية، تحمل بين طياتها قصصاً إنسانية تنتظر من يرويها بلغة الألوان والخطوط.
في ورشته الإبداعية، لا يقتصر حسن على مواد تقليدية، بل يجرب باستمرار خامات جديدة تمنح أعماله بعداً معاصراً. ويعتبر أن كل مادة فنية تحمل لغتها الخاصة، فالألوان الزيتية تمنح العمق، بينما تعطي الأكريليك حيوية، والفحم يضفي دراماتيكية خاصة. هذه التجارب المستمرة مع المواد المختلفة تشكل عند الفنان حسن مختبراً إبداعياً لا ينضب.
في عصر الثورة الرقمية، يرى حسن أن التكنولوجيا فتحت آفاقاً جديدة للإبداع، لكنه يحذر من الوقوع في فخ التقليد الأعمى، مشددا على أهمية أن يظل الفنانون أوفياء لرؤيتهم الفريدة، مع القدرة على استيعاب المستجدات التقنية دون التخلي عن الجوهر الإنساني للفن.
العلاقة بين الفنان وتراثه تشكل محوراً أساسياً في فكر دهام حسن، اذ يعتبر التراث الفني كنزاً إبداعياً يجب استكشافه بوعي، ليس كبضاعة متحفية، بل كمصدر إلهام حي يتفاعل مع الحاضر. في هذا السياق، يطور الفنان أسلوباً خاصاً يجمع بين تقنيات الرسم التقليدية ورؤية معاصرة تلامس هموم الإنسان الحديث.
أما على الصعيد الاجتماعي، فقد رفض الفنان دهام حسن فكرة «الفن للفن»، معتبراً أن العمل الإبداعي يجب أن يحمل رسالة. تتنوع موضوعاته بين تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية، وإبراز الجمال في التفاصيل اليومية، وإثارة الأسئلة الوجودية، معربا عن ايمانه بأن اللوحة الفنية يمكن أن تكون أداة تغيير فعالة، ربما أكثر من البيانات السياسية والخطب الرنانة.
في ختام حديثه، دعا حسن إلى رؤية شمولية للفن لا تقتصر على النخب، بل تشمل جميع شرائح المجتمع، مؤكدا أن «الاستثمار في الفنون هو استثمار في الوعي الجمعي، وأن المجتمعات التي تحترم إبداعات أبنائها هي الأقدر على مواجهة تحديات العصر بثقة وإبداع».