احتياطيات الذهب

اقتصادية 2025/04/20
...

محمد شريف أبو ميسم 




في ظل التوترات المتلاحقة التي يشهدها العالم ومنطقة الشرق الأوسط ، يكون اللجوء لشراء الذهب من بين أهم الخيارات الخاصة بتنويع الاحتياطيات النقدية، لمواجهة التقلبات السياسية ذات المساس المباشر وغير المباشر بقوة الاقتصاد والحالة التضخمية التي تنعكس على عموم أسعار السوق بما فيها، أسعار الصرف وأسعار السلع والخدمات، باتجاه ضمان أداة مهمة من أدوات الأمن القومي.

ويعرف الذهب اقتصادياً بوصفه الملاذ الآمن إزاء حجم التقلبات التي تتعرض لها العملات النقدية والأسعار في أسواق الطاقة وأسواق السلع الأخرى في ظل الظروف المعقدة، وعلى هذا فإن مقومات السياسة النقدية في بلادنا (التي كانت وما زالت، تحت تأثير عوامل ومتغيرات دولية وإقليمية، فضلاً عن مجموعة المعطيات الداخلية، والمضاربات التي ما فتأت تعود للواجهة ليكون لها الأثر الكبير في حركة السوق وحالة الاستقرار النقدي) بحاجة ماسَّة لتنويع الاحتياطيات وزيادة مدخراتها من الذهب الذي يتميز عن غيره من الاحتياطيات باحتفاظه بقيمته المادية في مختلف الظروف. 

وكان لإعلان البنك المركزي العراقي مؤخراً «أن العراق يمتلك واحداً من أعلى احتياطيات الذهب على مستوى الدول العربية بواقع 162 طناً» أثر طيب في نفوس المراقبين وعموم الجمهور، إذ انعكس وبشكل إيجابي على آراء الناس في الشارع، وزاد من ثقة الجمهور المصرفي والمتابعين للسياسة النقدية، الأمر الذي يؤسس لرأي عام يثق بالعملة المحلية والاقتصاد الوطني .

ومن الثابت أن الذهب له الأفضلية عند مقارنته بالأوراق النقدية التي ليست لها أصول ثابتة، ما يمنح الاقتصاد الوطني ثباتاً وموثوقية عالية، حتى في حالة الصدمات الناجمة عن حدوث متغيرات، أو إصدار قرارات من جهات دولية تحاول أن تربط الاقتصاد العراقي بقراراتها الخاصة، وكلما ازداد احتياط الذهب بالمقارنة مع الاحتياطيات النقدية «التي يفترض أن تتنوع» ازدادت قدرة القائم على السياسة النقدية لدرء أي مخاطر قد تحيق بالاقتصاد مع أهمية تفعيل دور القطاعات الحقيقية الأخرى ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.

وفي سياق الطموحات، نتمنى أن يحتل العراق موقعاً متقدماً في قائمة الدول التي تتصاعد فيها احتياطيات الذهب، ليس لأن هذا الموقع يمنح القائمين على السياسة النقدية مرونة في اتخاذ القرار وحسب، بل لأنه يُسهم في منح الاقتصاد الكلي حصانة وقائية  للحيلولة دون حدوث المشكلات الاقتصادية المتوقعة في ظل التقلبات التي تشهدها منطقتنا والعالم، ويزيد من حصانة الأمن القومي المرتبط بالأمن الاقتصادي.