ما هي منظومة {أس 400} وما سرّ قلق أميركا منها؟
قضايا عربية ودولية
2019/07/17
+A
-A
سايوبان أوغريدي/عن صحيفة واشنطن بوست
هبطت في تركيا يوم الجمعة الماضي طائرة روسية تحمل أول قطع ومكونات منظومة "أس 400" للدفاع الجوي في خطوة يعارضها "البنتاغون" وقد تضر بالعلاقة بين تركيا والولايات المتحدة وغيرها من اعضاء حلف "الناتو". وكانت واشنطن قد حذرت منذ وقت طويل بأن الولايات المتحدة قد تفرض عقوبات اقتصادية صارمة على تركيا وتلغي شراكتها في البرامج العسكرية الاميركية إذا ما حاولت الاخيرة الحصول على المنظومة الروسية.
فيما يلي بعض الاسئلة والاجوبة المهمة بشأن كيفية وصول "أس 400" الى تركيا وما الذي يمكن أن يحدث بعد الان:
ما هي منظومة "أس 400" المضادة للطائرات والصواريخ؟
"أس 400" هي منظومة دفاع أرض – جو بعيدة المدى روسية الصنع، وهي واحدة من اشد المعدات العسكرية الروسية تطوراً وتعقيداً، مزودة برادار استكشاف متطور ملحق مع مجموعة صواريخ مبرمجة قادرة على تعقب واستهداف الطائرات من الارض.
قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أنه قد اختار المضي في صفقة الشراء من روسيا، البالغة قيمتها 2,5 مليار دولار، لأن الولايات المتحدة لم تقدم له عرضاً مناسباً بخصوص منظومتها للدفاع الجوي المسماة باتريوت. لدى حلف "الناتو" منظومة باتريوت تتمركز في تركيا، ولكنها مخصصة لاستخدامات الحلف في سوريا، أما تركيا فلم تشتر المنظومة من واشنطن ابداً، وقد اثار مسؤولو حلف "الناتو" أسباب قلق من أن منظومة "أس 400" المشراة قد لا تتوافق مع المنظومات الاخرى المستخدمة حالياً في تركيا.
لماذا تعارض الولايات المتحدة امتلاك تركيا منظومة "أس 400"؟
كانت تركيا قد تقدمت الى الولايات المتحدة في وقت سابق بطلب لشراء نحو 100 مقاتلة نفاثة من نوع "أف 35 شبح" مع إجازة الشركات التركية بتصنيع نحو 1000 جزء من مكونات هذه الطائرة. بيد أن المسؤولين الأميركيين يخشون أن يتمكن الروس من النفوذ الى تقنيات طائرة "أف 35" إذا ما اجتمعت معاً لدى تركيا طائرة "أف 35" وأرقى منظومات الدفاع الجوي الروسية تطوراً، عندئذ قد ينجحون في التوصل الى كيفية استهداف جوانب ضعفها.
في أواخر شهر أيار الماضي قالت "كاثرين ويلبارجر"، مساعدة القائم بأعمال وزير الدفاع الاميركي: ان منظومة "أس 400" هي منظومة روسية مصممة خصيصاً لإسقاط الطائرات من شاكلة "أف 35"، لذلك لا يمكن أن يتصور المرء أن تفوت روسيا مثل هذه الفرصة لجمع المعلومات الاستخبارية."
في الاسبوع الماضي قال المقدم "مايك أندرو"، المتحدث باسم "البنتاغون": "لا يمكن السماح لتركيا بامتلاك هاتين المنظومتين معاً." هذا التعارض وضع الولايات المتحدة في مأزق مستعص، فواشنطن حريصة أشد الحرص على منع الروس من النفوذ الى أسرار معداتها العسكرية المتقدمة، ولكن الولايات المتحدة في الوقت نفسه تعتمد على تركيا اعتماداً شديداً كشريك مهم في المنطقة نظراً لموقعها الستراتيجي المحادد للعراق وإيران وسوريا.
هل تشكل "أس 400" خطراً على طائرة "أف 35"؟
كلا! حالياً لا تشكل. فوفقاً لتقديرات أجريت سابقاً ان جهاز الرادار الملحق بمنظومة "أس 400" لديه القدرة على التقاط طائرة "أف 35" وتشخيصها متى ما دخلت نطاق 32 كيلومتراً تقريباً، ولكن طائرة "أف 35" بدورها تحمل صواريخ جو-أرض يتجاوز مداها 60 كيلومتراً، وهي قادرة على تدمير ذلك الرادار. الأمر الذي يقلق المسؤولين الأميركيين هو أن اجتماع المنظومتين معاً، ضمن حدود رقعة ضيقة، قد يمكّن المنظومة الروسية من جمع مزيد من المعلومات المتعلقة بقدرات طائرات "أف 35 شبح". يقول خبراء منظومات السلاح: ان وضع منظومة "أس 400" وطائرة "أف 35" ضمن نطاق ضيق قد يساعد الروس على تطوير قدرة راداراتهم على التقاط وتعقب الطائرات الاميركية، وإذا ما حصل مالكو ومشغلو منظومة "أس 400" على بيانات اضافية مستمدة من طائرة "أف 35" نفسها فقد يتمكنون لاحقاً من تحديد نقاط الضعف في هذه الطائرة.
ما كان تهديد واشنطن بهذا الشأن؟
كان المسؤولون الاميركيون قد هددوا في وقت سابق بالغاء ارسالية طائرات "أف 35" الى أنقرة مع فرض عقوبات اقتصادية على تركيا عبر قانون "التصدي لأعداء أميركا" للعام 2017، عبر قانون العقوبات.
وفي شهر نيسان الماضي أعلن "البنتاغون" أنه بصدد تعليق مشاركة تركيا في برنامج لتدريب الطيارين من دول حليفة للولايات المتحدة على التحليق بطائرات "أف 35" لحين موافقة تركيا على الغاء صفقة شراء منظومة "أس 400".
خلال لقاء مجموعة العشرين الذي عقد في اليابان في الشهر الماضي القى الرئيس ترامب باللوم في هذه المشكلة على ادارة أوباما. قال: ان هذه ليست غلطة أردوغان في واقع الأمر، ثم اردف أنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة بصدد فرض عقوبات على تركيا بسبب هذه المشكلة.
وقد عارض المشرعون الاميركيون من الحزبين امتلاك تركيا منظومة "أس 400" ومقاتلات "أف 35" معاً.
كيف دافعت تركيا عن قرارها بالمضي في صفقة الشراء؟
قال اردوغان: ان امتلاك المنظومة الروسية شأن ينسجم مع حق تركيا السيادي في الدفاع عن نفسها، وفي الشهر الماضي دعا الولايات المتحدة الى عدم السماح لصفقة شراء منظومة "أس 400" بأن تهدم العلاقات الوثيقة بين البلدين. قال اردوغان: "عليهم التفكير ملياً، لأن فقدان بلد مثل تركيا ليس شأناً هيناً أبداً، فإن كنا حقاً اصدقاء وشركاء ستراتيجيين .. وجب علينا معالجة هذا الأمر فيما بيننا."
اضافت تركيا ايضاً أنها سوف تبقي المعدات الاميركية والروسية بمعزل عن بعضها البعض حذراً من منح الروس منفذاً الى تكنولوجيا الطائرة الشبح. كذلك عبر اردوغان عن الثقة بأن علاقته بترامب سوف تسمو على مخاوف فرض العقوبات.
في حزيران قال اردوغان: "اقولها بصراحة وصدق، ان علاقاتنا بترامب تحتل منزلة يمكن وصفها بأنها طيبة حقاً. وفي حالة تطور شأن ما فإننا سنسارع الى رفع سماعة الهاتف على الفور."
ما كان رأي حلف "الناتو" في هذا كله؟
في يوم الجمعة قال مسؤول من حلف "الناتو" متحدثاً الى صحيفة واشنطن بوست بأن التحالف "يشعر بالقلق من العواقب المستقبلية التي يمكن ان تترتب على قرار تركيا الحصول على منظومة "أس 400". التوافق والعمل المشترك بين قواتنا المسلحة مسألة جوهرية بالنسبة للناتو كي يتمكن من القيام بعملياته ومهماته."
هل يحتمل ان تحذو دول اخرى حذو تركيا؟
معظم الدول الحائزة على منظومة "أس 400" هي في حالة خصومة مع الولايات المتحدة، مثل الصين. ولكن هناك دولا اخرى، عدا تركيا، تقتني من الولايات المتحدة اسلحة عالية التقنية وفي الوقت نفسه تبعث بإشارات تنم عن رغبتها في امتلاك منظومة "أس 400". فعلى سبيل المثال أكدت الحكومة الهندية للولايات المتحدة مؤخراً أنها تعتزم شراء المنظومة المذكورة، كما ألمحت قطر، وهي حليف آخر من حلفاء الولايات المتحدة، انها قد تسعى ايضاً لشراء منظومة "أس 400".
*ترجمة – انيس الصفار