كيف تُسهم معالجة العشوائيات بتحجيم البطالة؟

اقتصادية 2019/07/19
...

وليد خالد الزيدي
مما لا شكَّ فيه أنّ مسألة تحسين مناخ الاستثمار المحلي أو الأجنبي في تنفيذ المشاريع المختلفة في البلاد سيعزز فرص عمل للعاطلين، سواء كانوا يحملون مؤهلات إدارية أو فنية أو من الخريجين بحسب مؤهلاتهم العلمية أو غيرهم من بقية فئات المجتمع.
ومن خلال وضع خطط للقيام بمشاريع هادفة تسهم إلى حد كبير في نمو سوق العمل في العراق، فالانفتاح على تنفيذ الأعمال الخاصة بالخطط الحكومية والبرامج التنموية، سواء كانت خدمية أو إنتاجية، وزج الشركات الحكومية أو الأهلية المتخصصة فيها، سيزيد من طلبها على القوى العاملة، وان مسألة نجاحها في تلك الإعمال تتطلب شروطاً يعدّها الاقتصاديون ضرورة ملحة تدخل ضمن إطار المصلحة العامة للبلاد التي توفر مساحة واسعة من الجدوى الاقتصادية المترتبة على تنفيذ تلك المشاريع، لاسيما في ما يتعلق بالحد من مشكلة بالبطالة وتشغيل العاطلين عن العمل في العراق، وتأمين مصادر عيش متاحة لأسرهم. 
هنا لابدَّ من الافادة القصوى من القوانين المتعلقة بتنفيذ برامج الحكومة التي تتعلق بالجانب الخدمي، فما أعلنته لجنة مراقبة تنفيذ البرنامج الحكومي والتخطيط التي عدت الإجراءات التشـريعية لقانون معالجة التجاوزات السكنية، لها أولوية في الاستكمال والانجاز، وهي مسألة في غاية الأهمية.
وعلى حد وصف عضو اللجنة محمد شياع السوداني بان قانون معالجة العشوائيات من بين أهم القوانين في المرحلة الحالية لكونه يمثل أولوية للبرنامج الوزاري الذي أقر في شباط الماضي وقدمه مجلس الـوزراء ضمن الحزمة الأولى من مشاريع القوانين التي أقرت حينها، لاسيما أنّه يمثل حلقة مهمة ضمن سلسلة برامج مطلوبة لنجاح سـياسـة الإسكان الوطـنية التي أقـرت في 2010 وتم تحديثها عام 2016 ضمن سياق الإجراءات الحكومية لمعالجة التجاوزات السكنية على الأراضي المملوكة للدولة والواقعة ضمن حدود التصاميم الأساسية الرسمية. 
ولكون تشريع هذا القانون يأتي ضمن خطة أعدت لمجرد معالجة الأراضي المتجاوز عليها وعن طريق تصحيح الوضع القانوني للمتجاوزين ومن خلال  تأجير تلك الأراضي التي تجاوزوا عليها، وشيدوا دوراً سكنية فيها شريطة أن يكون البناء وفـق ضوابط التخطيط العمراني والتصاميم المطلوبة، وفـرض مبلغ مالي يحدد مقداره بقرار يصدره مجلس الوزراء وتذهب الأموال المستحصلة من تلك العملية وفقا لأحكام القانون إلى الخزينة العامة، ثم تخصص لأغـراض تطوير البنى التحتية وتحسين المنشآت المشيدة والخدمات في تلك المناطق.
لا بدّ من التأكيد على جملة من المنافع والانعكاسات الايجابية لتلك القوانين لكونها في الأساس تدخل ضمن مسار معالجة أزمة السكن في البلاد، وما يترتب عليها من إجراءات مكملة ستقود حتما إلى سلسلة من الخطط والبرامج لتنفيذ المشاريع العمرانية في مناطق السكن العشوائي. إذ أن تصحيح الوضع القانوني لها سيتبعه تنفيذ أعمال ومشاريع خدمية عديدة فيها ستلبي حاجة المواطنين وتحرّك عجلة الاقتصاد العراقي، بحيث يمكنها أن تقلل من نسب البطالة في البلد بما توفره من فرص كثيرة للعمل في تلك المشاريع وتشجّع الشباب للانخراط في تلك الأعمال وتزجهم في مشاريع إعادة إعمار أو تأهيل الوحدات السكنية العشوائية المشيدة ضمن الضوابط التي ستقر فيما بعد، والعمل في المشاريع الخدمية الاخرى كالأسواق والمواقع التجارية والمشاريع الصغيرة وورش العمل البسيطة، والمهن المحدودة.
كما أن تفعيل المشاريع في تلك المناطق سيحفز عملية الانفتاح على الأعمال الخاصة ومهام الشركات الأهلية، وتنشيط أعمال المقاولين ما يدفعهم بالحاجة إلى الأيدي العاملة وتشغيل الكثير من الشباب فيها ويوسع من الفئات التي يمكن أن تجد فيها فرص عمل كثيرة ومناسبة، كالخريجين بعد أن قضوا سنوات طويلة في الدراسة والتحصيل العلمي، إذ تعتمد الكثير من الشركات عليهم بدلا من استقدام أيدي عاملة أو كفاءات متخصصة من
 الخارج.
كذلك أصحاب المهن والحرفيين، فهذه المسألة ستدفع باتجاه ممارسة دورهم في العمل وكذلك في مسألة تحسين مهاراتهم، وهنالك مسألة مهمة جدا وهي دعم وتطوير القطاع الخاص بأنشطته كافة من خلال زجّه في تنفيذ المشاريع في تلك المناطق مثل معامل المواد الإنشائية، وبيع الأجهزة الكهربائية والحاجات المنزلية، الأمر الذي يبدد من مخاوفه ويشجعه على توفير فرص للعاطلين عن العمل واستيعاب الآلاف منهم في أعماله.
ويأتي، فضلا عن ذلك، ضمان تخطي مرحلة كبيرة من البرامج الوطنية التي تقوم على تحقيق العدالة الاجتماعية، وتأمين سبل حياة معيشية للكثير من الأسر الفقيرة لما تقدمه من معالجات سريعة لتطوير سبل حياتهم، وتلبية حاجاتهم ومن ثمّ دعم حركة التطور الاقتصادي في 
البلد.