تقول الأمم المتحدة إنَّ تحسن الوضع الأمني في العراق يشجع على الاستثمار، مع الإشادة بدور مكتب رئيس الوزراء من خلال مركز العمليات الوطني، في تسهيل مهمات الوكالات الدولية في ما يتعلق بالجوانب السياسيَّة والإنسانيَّة والتنمويَّة.
ما تقدم يشكل دعماً إيجابياً لقانون الاستثمار وتفعيله، كما أنَّ هذا يحفزنا لمراجعة جادة لما توفر من إنجازات ومناخات للنصف الأول من السنة الحالية وحسب المنهاج الوزاري، رغم علمنا بالمعوقات المستجدة والراسخة قبل وبعد صدور المنهاج.
فمن الناحية القانونية، في إطار تهيئة الأرضية لضمان انسيابية عالية في إدارة الملف الاستثماري، نلاحظ أنَّ القانون التجاري النافذ الذي جعل القطاعين الخاص والمختلط مكملين للقطاع العام، بمادته 132، يعني أنه لا مكان للقطاع الخاص المتميز، ويجعل بيئتنا طاردة للاستثمار، كونه مستمداً من فكر حزب البعث المباد.
كما أنَّ قوانين بريمر الاقتصادية منها على وجه الخصوص لا تبني دولة مؤسسات استجابة لمرحلتها الانتقالية، فضلاً عن أنَّ المناخ الاستثماري في الصناعة النفطية مثلا غير مكتمل بدون قانون النفط والغاز.
وكذلك الحال بالنسبة للجانب الإداري ببيروقراطيته القديمة الحديثة فهو ما زال ايضا غير مكتمل الأهلية بدون مجلس خدمة لوضع الرجل المناسب في مكانه المناسب، بغض النظر عن الاعتبارات التي ما زالت فاعلة كمسبب لكل المعوقات غير الموضوعيَّة.
في ملف الموارد المائية، على سبيل المثال، نجد ما مخصص له هو الأقل بما يتعلق بالسدود والخزانات والنواظم وكري الأنهر ما قد يهدد أمننا الغذائي في ظل الاستيراد
العشوائي.
في الجانب التنموي، لم يتبق من السنة الحالية سوى أشهر، ولم يصرف من القروض الخاصة بالمشاريع المتوسطة والصغيرة، التي رصد لها المركزي ترليوناً و700 مليار دينار، لتمنح من قبل المصارف ذات العلاقة، في وقت تتعاظم فيه الشكوى من أزمة السكن، بالرغم من أنَّ 50 بالمئة من صناعتنا إنشائية وتمتص البطالة لعشرات المهن ذات العلاقة.
كما أنها، أي صناعة السكن، بازدهارها، تحدُّ كثيراً من المستورد المستنزف لعملتنا الصعبة، ولو ضبطنا كماركنا لكان إيرادنا منها بحدود عشرة مليارات دولار، ما يدعو لإبراز دور وزارة التخطيط مع كادرها العريق في تدعيم ساحة الاستثمار في الكهرباء، مثلاً، من خلال حوكمة المدخلات والمخرجات وتأشير ذلك قانونياً، لما للطاقة الكهربائية من أولوية مطلقة كبنية تحتية لا يمكن تصور أي قطاع ينمو بدونها.
المناخ الاستثماري ما زال، إجمالاً، بدون نافذة واحدة، بحيث تصل فترة الحصول على الإجازة الاستثمارية لفترات طويلة، كما أنَّ هيئات استثمار المحافظات تراوح في خانة التحاصص، ورغم كل ذلك فإنَّنا لا ننكر ما أنجز من مشاريع خلال الفترة الماضية، رغم قلتها وعدم ارتقائها الى مستوى
الطموح.