- 1 -
كاتب السطور عاش شطراً من العهد الملكي المباد ( 1921 - 1958) بحكم كونه من مواليد (سنة 1945) كما عاش العهود الجمهورية كلها ابتداء بالعهد القاسمي ، مروراً بالعهد العارفي والعفلقي ، وانتهاء بالعراق الجديد الذي أزيح عنه كابوس الدكتاتورية .
- 2 -
ولسنا في صدد الدخول في المقارنات بين أنطمة الحكم (الملكية والجمهورية) ولا الفوارق الأساسية بين كل مرحلة من المراحل وما سبقها وتلاها ، ولكننا أحببنا الاشارة الى بعض ما علق بالذاكرة من ذكريات وانطباعات..
- 3 -
في عام 1957 ، وكنت طالباً في المتوسطة،(الاعدادية المركزية في الحلة ) جاء الأمير عبد الاله الى الحلة راكبا سيارة مكشوفة.
وقبل وصوله الى مكان تجمّع الطلاب أمام المدرسة ، كان الكثير من اللغط يثيره هذا الطالب أو ذاك منددا بالأمير القادم ..!!
ولا أنسى رجلاً وقف الى جانب الطلبة وهو يحمل عريضة موجهة الى الأمير، وحين وصل الامير وأحسّ بوجود عريضة توقف وأمر بأخذها من الرجل، وهنا علا التصفيق والهتاف ..
انطبعت في ذهني هذه الصورة المنافقة إذ سرعان ما تحوّل الانتقاد الشديد الى تأييد وتصفيق ..!!
- 4 -
كان الملك فيصل الثاني محبوباً من قبل عامة الشعب العراقي ...
ولم يكن - وهو الشاب المهذب الواعد – بمسيء الى أحد ،
ولم يكن صاحب جرائم وجرائر يستحق معها القتل .
ولنعترف بصراحة :
انّ المجزرة الدموية في قصر الرحاب يوم 14 تموز /1958 لم تكن الاّ صفحة سوداء من صفحات أصحاب العنف غير المبرر ، حيث لم يكن من الصحيح على الاطلاق قتل الملك ، وقتل نساء العائلة المالكة وهن يرفعن المصاحف، مستجيرات ولا من مجير ..!!
- 5 -
وشَهِدَتْ الاشهر الأولى بعد نجاح الثوار العسكريين فصولاً عجيبة من الصراع بين (قاسم) و(عارف) الأول، حتى انتهى الأمر بابعاد (عارف) عن العراق، وجُرّد من مناصب كبرى ليكون سفيراً للعراق في (بون)
وقديما قيل : الثورة تأكل أبناءها
وقد أكلت الثورة قائدها (قاسم) فاعدم بالرصاص في شباط /1963 بمرأى ومسمع من زملائه ..!!
- 6 -
اذا كان من الصحيح القول : انّ الزعيم عبد الكريم قاسم رجل نزيه، صان المال العام ولم يأخذ منه الاّ مرتبه الشهري، فمن الصحيح ايضا القول :
انه فرض نفسه ( كزعيم أوحد) للبلاد واستأثر بالسلطة ايما استئثار، عفا عمن حاول اغتياله ولكنه وافق على إعدام ثُلة من خيرة الضباط العراقيين ..!!
فلم يَنْجُ هو من القتل في نهاية المطاف.
- 7 -
الفوارق بين الرئيس عبد الرحمن عارف وسلفه (عبد السلام) كثيرة ..،
وأهمها : انّ عبد الرحمن عارف رجل موادعٌ مسالِمٌ ، لا يُحّبُ إراقةَ الدماء .. ولم يكن ذا بطش وتنمر ..،
وحتى حين أُخبر بتآمر النايف والداود عليه اكتفى منهما بالقَسَم متبرئيْن مما نُسب اليهما..
وهو الوحيد الذي نجا من الموت لأنه لم يتلوث بدم أحد ..!!
كما أنه كان نزيها أيضاً .
- 8 -
أفظع الجرائم والمظالم كانت على يد (القائد الضرورة) الذي تجاوز الفراعنة والجبابرة والطغاة في ظلمِهِ وتعسفِهِ وعشقه لذاته وتسليطه الأرذال على الأفاضل .
لقد كان الانسانُ العراقي في منظور (القائد الضرورة) أرخصُ السلعِ
ومن هنا :
كانت جناياته الكبرى في وحشيتها وقسوتها وخروجها على كل الموازين والقوانين .
- 9 -
يُفرض الحصارُ على الشعب العراقي، بسبب حروبه الطائشة ومغامراته الرعناء، فيبني القصور الفارهة ويبالغ في الانفاق عليها، والملايين من العراقيين تتضور من الجوع والفاقة والحرمان ..!!
- 10 -
ولا تَنْسَ انه صاحب (المقابر الجماعية) التي دُفن فيها المواطنون وهم أحياء ، بمن فيهم الأطفال والنساء ...
-11-
يكفي أنْ نقول :
لم يكن الانسان –ايام القائد الضرورة – آمنا لا على نفسه ، ولا على دِينهِ ، ولا على عِرْضِه ولا على ماله ..
ومع هذا يحنّ بعض الحمقى الى تلك الأيام السود ..!!
- 12 -
ومع أنّ (العراق الجديد) شهد فصولا مرّة من الاضطراب والمفارقات والمحاصصات والنهب للثروة الوطنية ، الا انّ المحصلة النهائية جعلت حياة العراقيين تختلف شكلاً ومضموناً عن حياتهم المخنوقة أيام الطاغوت .