الطلاق الالكتروني.. وسيلة حديثة

اسرة ومجتمع 2019/07/23
...

المحامية مريم كريم هاشم 
جعل الله سبحانه وتعالى الزواج رابطة مقدَّسة مبنيَّة على المودة والرحمة والألفة والانسجام واعتبر عقد الزواج ميثاقاً غليظاً فهو من أقدس العقود لتحقيق مقاصد نبيلة تكمن في إنشاء الحياة المشتركة والنسل والعفة والسكينة ولكن قد تعصف رياح الشقاق وتعلو أعاصير الكره والحقد والاختلاف بين الزوجين وتنافر الطباع بين الزوجين فتصبح الحياة الزوجية نقمة بعد ان كانت نعمة.
وللخلاص من داء هذه المشاكل شرع البارئ الطلاق ليكون آخر الحلول فإذا أراد الزوج تطليق زوجته فعل ذلك مشافهة وهي الطريقة المعتادة بإيقاع الطلاق، إلا أنه ومع تطور المجتمع ظهرت صور حديثة لإيقاع الطلاق منها كتابته في ورقة أو رسالة وإرسالها بالبريد العادي وبطريقة أكثر حداثة ونتيجة التطور التكنولوجي بدأ بعض أفراد المجتمع يلجأ إلى إيقاع الطلاق عبر وسائل الاتصال الالكترونية الحديثة بسبب سهولتها وسرعتها فيقوم الزوج بإيقاع الطلاق عن طريق الاتصال بزوجته أو أهلها أو يرسل رسالة نصية من هاتفه المحمول أو عن طريق البريد الالكتروني أو وسائل الاتصال الأخرى التي يوفرها الانترنت كـ”الواتساب” أو “الفايبر”. والطلاق عبر هذه الوسائل بدأ يُعرف بـ (الطلاق الالكتروني).
وفي الآونة الأخيرة أخذ هذا الطلاق بالانتشار السريع وأصبح ظاهرة خطيرة تهدد كيان المجتمع العراقي. والطلاق الالكتروني شأنه شأن الطلاق التقليدي لا يختلف عنه إلا من حيث وقوعه عبر وسائل الاتصال الحديثة، فالطلاق الالكتروني هو الطلاق الذي يُقصدُ به رفع قيد النكاح في الحال أو المال بلفظ الطلاق ونحوه عبر وسائل الاتصال الحديثة، والطلاق الالكتروني إما أنْ تتم كتابته برسالة من الهاتف المحمول أو رسالة عن طريق الانترنت، وإما أنْ يتم مشافهة بالصورة والصوت.
وأقسام الطلاق الالكتروني لا تختلف عن أقسام الطلاق وهي ثلاثة أقسام وهو الطلاق الرجعي والطلاق البائن بينونة صغرى والطلاق البائن بينونة كبرى والطلاق الالكتروني يحتاج إلى توثيق لدى المحكمة المختصة لأنَّ الرجل قد يجحد الطلاق والزوجة تدعي طلاقها بوسائل الاتصال الالكترونية ويكون عليها عبء إثبات وقوع الطلاق الالكتروني، علما أنَّ الأصل شرعاً وقانوناً أنْ يقوم الزوج بتسجيل طلاقه وتثبيته لدى المحكمة المختصة وبعد أنْ تتحقق المحكمة من أنَّ الطلاق قد تم وصدر من الزوج وهو بكامل قواه العقلية تثبت ذلك الطلاق وتصدر به حكماً كاشفاً لواقعة الطلاق لتبدأ الآثار المترتبة على الطلاق من تاريخ بداية العدة.
الطلاق الالكتروني يثبت بعدة وسائل شرعية وقانونية منها الإقرار والشهادة والتوقيع الالكتروني وان المشرع العراقي في قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل لم ينص على احكام الطلاق الالكتروني.
ونجد من الضروري تقنين حالات الطلاق الالكتروني من خلال تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي والنص على احكام الطلاق الالكتروني، إذ إنَّ القضاء العراقي يحكم وفق احكام الشريعة الإسلامية والمذاهب استناداً لأحكام المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل ويجب تشريع قانون يخص السندات الالكترونية وضمان الحماية لها من الناحية العملية بتأمين عدم إمكان الوصول إليها من ايدي العابثين ومن الناحية القانونية بوضع جزاء رادع على من يعتدي عليها وإيجاد احكام قانونية للتوثيق الالكتروني مع تحديد حجة هذا التوقيع في جميع المسائل الشرعية والقانونية كالطلاق وغيرها وضرورة التوعية بأهمية الحفاظ على الأسرة من الانهيار وان العلاقة الزوجية هي أقوي وأسمى من أنْ تتعرض 
للعبث.