يعدُّ العراق من الدول البكر والنظيفة في مجال المخدرات ، وكان قبل 2003 يعد معبرا وممرا لها كونه يقع وسطًا بين الدول المنتجة والمستهلكة وبعدها صار مستهلكا لها ، ورغم خطورة هذا الملف الاّ انه وللأسف الممضّ لم يحظَ عراقيا بالاهتمام الكافي فلم ترد عنه سوى اشارات متواضعة وخجولة في متون وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي
وهي اشارات لاترتقي ابدا الى مستوى خطورته وتأثيره السلبي في الامن الاجتماعي والبيئي والصحي ، فلم يتكون راي عام مناسب لتشخيص اسباب ظاهرة المخدرات والعمل على مواجهتها اعلاميا لتداعياتها الخطيرة.
وعالميا لاتخلو أي دولة في العالم من اسقاطات هذا الملف اذ عانت الكثير من الدول من تأثير المخدرات في شعوبها فقد اضطرت الكثير منها لتشريع قوانين رادعة او وضع اليات تنفيذية وفعالة لملاحقة مروّجي ومسوّقي ومتعاطي المخدرات فضلا عن تجارها والحيتان التي تقف وراءها ، ولايزال المشهد العراقي يعاني من هشاشة التشريعات وضعف الضوابط المعمول بها اذ ما زالت تواجه مصدات كثيرة كتدخّل الاحزاب والعشائر والمحسوبيات وارهاب عصابات الجريمة المنظمة فضلا عن المليشيات الخارجة عن القانون ، كما لم يلقَ هذا الملف الاهتمام الكافي من مراكز الابحاث او الاطاريح الجامعية اذ ان هنالك حاجزا اجتماعيا / نفسيا كبيرا يحول دون ذلك ، فتعاطي المخدرات في المجتمع العراقي والكشف عن ذلك لاي سبب كان يعد عارا يلاحق صاحبه وهو اشبه بالدخول في دائرة المسكوت عنه
والمخجل.
ومن الناحية القانونية ، ان المشرّع العراقي لم يكن حازما وواعيا لخطورة الامر بما فيه الكفاية للحد من استفحال هذه الظاهرة ففي قانون المخدرات العراقي رقم (68) لسنة 1965 حرَّم المتاجرة وصناعة المخدرات والاستخراج والتحضير والحيازة والتقديم والعرض للبيع والتوزيع والشراء ولا يجوز المتاجرة بالمخدرات والمستحضرات الحاوية على مخدرات مهما كان نوعها، كما عاقب المشرع العراقي على جريمة تعاطي المخدرات في المادة (32) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017 حيث نصت على انه (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين دينار كل من استورد أو أنتج وصنع أو حاز أو أحرز أو اشترى مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية أو زرع نباتا من النباتات التي ينتج عنها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو اشتراها بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي). مع استثناء عقوبة الاعدام التي كان يفرضها النظام الديكتاتوري السابق لأغراض تتعلق بأمن نظامه فقط .
وترد اخبار مؤسفة عن اكتشاف كذا كمية من المخدرات وحبوب الهلوسة في المطارات او المنافذ الحدودية التي تربط العراق بدول الجوار تأتي اغلبها مع مسافرين اجانب وذلك بسبب الفلتان الذي تشهده معابره الحدودية البرية والمائية والجوية ناهيك عما يرد من اخبار مؤلمة عن اكتشاف كذا مزرعة في بعض المناطق يُشك انها لنباتات مخدرة او تدخل في صناعة المخدرات ،وبحسب إحصائية الهيئة الوطنية لمكافحة المخدرات فإن عدد المدمنين المسجلين هو 16 الفا بينهم أكثر من ألف طفل وهي ارقام مهولة كشف عنها التأكيد المتكرر للمرجعية الدينية العليا بأكثر من مرة على هذا الموضوع مايستدعي تضافر جميع الجهود ابتداء من البيت وليس انتهاء بالبرلمان لمعالجة هذا الموضوع الذي بلغ مديات خطيرة جدا خاصة في الجنوب ، وبات لزاما على السلطة التشريعية ان تقرّ مسودة قانون مكافحة المخدرات الخاص بالعراق لأجل السيطرة على هذه الظاهرة ومنع شبابنا من الوقوع بهذه الآفة التي باتت تهدد المجتمع العراقي كونها باتت تنتشر مؤخرا بطرائق ماكرة وخادعة وجاذبة للشباب والشابات لإيقاعهم في فخ التعاطي لها، وان من الوسائل التي يتم من خلالها اقناع الشباب والشابات بتعاطي المخدرات هي استغلال ما يعاني منه الشاب او الشابة من ضغوط نفسية او اضطراب نفسي او قلق نفسي او مشكلة معينة او الاحباط نتيجة الفشل فيكون خداعهم من خلال اقناعهم باستعمال الحبوب المخدرة بزعم أنها تؤدي الى التهدئة وتعالج حالات الاضطراب والقلق النفسي.
الكرة في ملعب الجميع في البيت اولا وفي ملعب الحكومة بسلطاتها الثلاث ومراكز البحوث والجامعات والمرجعيات الدينية ومنظمات المجتمع المدني ثانيا ليقولوا كلمتهم قبل فوات الاوان.