إفريقيا تطرح تحدياً كبيراً للبنك الدولي وصندوق النقد

اقتصادية 2019/07/24
...

واشنطن/ متابعة 
 
 
 ترد إفريقيا على خارطة العالم للفقر المدقع باللون الأحمر الحاد، تعبيرا عن ظاهرة تهدد بالتفاقم مع النمو السكاني المرتقب في العقود المقبلة.
وإن كان صندوق النقد الدولي والبنك الدولي نشطا منذ تأسيسهما قبل 75 عاما لمكافحة هذه الآفة المتفشية منذ زمن طويل في القارة الإفريقية، إلا أن نتائج عملهما تبقى متباينة.
وتواجه المؤسستان الماليتان الدوليتان اليوم الحاجة إلى استثمارات كثيفة في البنى التحتية للدول الإفريقية واستحداث وظائف للتصدي للفورة السكانية فيها، بموازاة تصديها لمخاطر التغير المناخي في منطقة عاجزة عن تحمل كلفتها.
 
الفقر المدقع
قال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس ملخصا المسألة “تظهر المشكلات بقدر خاص من الجلاء في إفريقيا”.
وتشير آخر معطيات البنك الدولي إلى أن الفقر المدقع الذي يحدد بناء على عدد الأشخاص الذين  يعيشون بما لا يتخطى 1,90 دولار في اليوم، انحسر بشكل كبير على مستوى العالم، متراجعا إلى 10 بالمئة في 2015 بالمقارنة مع نحو 30 بالمئة في 1990.
لكنه ما زال في ارتفاع بإفريقيا جنوب الصحراء، حيث كان أكثر من نصف السكان في فقر مدقع قبل أربع سنوات.
وبحسب التوقعات، فإن هذه المنطقة ستأوي بحلول 2030 نحو 90 بالمئة من الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع في العالم، في حين يتوقع أن يزداد عدد السكان في القارة في الفترة ذاتها بمقدار 1,3 مليار نسمة، أي بما يزيد عن نصف النمو السكاني في العالم.
 
الناتج الداخلي
ويتوقع صندوق النقد الدولي للعام 2019 نمواً إجمالياً في الناتج الداخلي بنسبة 3,5 بالمئة في إفريقيا، مقارنة بـ3 بالمئة في 2018. لكن الصندوق حذر في نيسان من أن التوسع الاقتصادي المسجل في السنوات الأخيرة لا يكفي لاستحداث الـ20 مليون وظيفة الضرورية كل سنة لاستيعاب الوافدين الجدد إلى سوق 
العمل.
وتشير أرقام البنك الإفريقي للتنمية إلى أن عدد السكان في سن العمل في إفريقيا  سيزداد من 705 ملايين نسمة عام 2018 إلى نحو مليار بحلول 2030.
 
مكافحة الفقر
شدد ديفيد مالباس منذ توليه رئاسة البنك الدولي في أبريل على ضرورة مكافحة الفقر. وفي خطوة رمزية، اختار عندها زيارة مدغشقر وإثيوبيا وموزمبيق.
وعلق على الأرقام التي تشير إلى أن 700 مليون شخص ما زالوا يعيشون في الفقر المدقع، معتبرا إنهم “700 مليون شخص أكثر مما ينبغي”.
وبعدما انتقد صراحة البنك الدولي حين كان مساعدا لوزير الخزانة في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حدد هدفا لعمله على رأس المؤسسة المالية تحسين فاعليتها.
وفي سياق نهجه حيال الدول الإفريقية التي تعاني من ديون طائلة موروثة من أخطاء الماضي، يعتزم مالباس تشجيع “السياسات الصالحة”، مشددا على أنه “عامل أساس” لجذب الاستثمارات
 الخاصة.
 
مضاعفة البنى التحتية
ويرى مسعود أحمد الذي عمل لفترة طويلة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أن ما يزيد من صعوبة التنمية في إفريقيا أنها عرضة لعواقب التغير
 المناخي.
وقال لفرانس برس “خلال السنوات العشرين المقبلة، سيكون الاقتصاد العالمي أكبر حجما بمرتين مما هو اليوم. وستتحتم مضاعفة البنى التحتية التي نحتاج إليها لدعم هذا الاقتصاد”.
لكن تنفيذ المشاريع الخاصة بهذا الهدف يجب أن يقترن بخفض انبعاثات الغازات المسببة للدفيئة بنسبة الثلث.
ويدعو مالباس في هذا السياق إلى وضع نهج خاص لكل دولة يستجيب بشكل أفضل للإشكاليات الملازمة لكل اقتصاد بشكل منفرد. ويوصي تحديدا بإزالة احتكار الدولة واعتماد إطار قانوني متين يتيح إنشاء مؤسسات واكتساب الكفاءات الضرورية لشغل الوظائف المستحدثة.
 
تبادل حر
من جهته، يدعو صندوق النقد الدولي الدول الإفريقية إلى المضي في إقامة منطقة تبادل حر على صعيد القارة الإفريقية. ووقعت عشرون دولة حتى الآن الاتفاق الرامي إلى تنشيط المبادلات وبالتالي تحفيز النمو.
ورأى صندوق النقد الدولي في الربيع أن “هذا الكيان الجديد قد يبدل الوضع في القارة” التي يبلغ حجم سوقها 1,2 مليار نسمة ومجموع إجمالي ناتجها الداخلي 2500 مليار دولار. لكن تفاؤل المؤسسات المالية غالبا ما يصطدم بعودة النزاعات المسلحة التي طالت ثلث دول القارة في السنوات الأخيرة.
وبعد انحسار العنف في العقد الماضي، عاد عدد النزاعات وارتفع منذ 2010 مسجلا ذروة عام 2016 حيث طال 17 بلدا. وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن هذه النزاعات ستتسبب بخسارة معدل ثلاث نقاط من إجمالي الناتج الداخلي في الدول التي تدور 
فيها.