د. باسم الابراهيمي
تشيرالدراسات الحديثة الى ان تحويل الدفع والتحصيل على صعيد المالية العامة من الدفع والتسلم النقدي الى الدفع او التسلم الالكتروني قد ساهم في تحقيق وفورات مالية قدرت بنحو(320) مليار دولار سنويا في الدول النامية.
وقد أسهمت رقمنة الضرائب في الهند الى زيادة القاعدة الضريبية بنسبة (50 بالمئة) في اقل من عام، وفي دول اخرى فان رقمنة نظم الضريبة أسهمت في زيادة الحصيلة الضريبية بحدود (20 بالمئة)، حيث ادى الاستخدام المتزايد لتقنية البيانات الكبيرة (Big Data) الى كفاءة تحصيل الضرائب غير المباشرة فضلا عن مكافحة التهرب الضريبي.
ان عملية اتمتة (رقمنة) المالية العامة لها اثار ايجابية كبيرة في مجال زيادة كفاءة نظم التحويلات الاجتماعية ورفع كفاءة وشفافية نظم المشتريات العامة، فضلا عن بناء قواعد بيانات مفصلة وآنية وذات دورية تكرارية قصيرة تعزز التخطيط الاقتصادي والمالي وخصوصا في مجال بناء الموازنة ومراقبتها وبالتالي تحقيق كفاءة الانفاق العام وما يترتب عليه من متطلبات رقابة ومتطلبات الاعداد للموازنات العامة، فضلا عن سهولة تقييم الاثر المتوقع للسياسات المالية على سلوك الفاعلين الاقتصاديين ومستويات الامتثال الضريبي وتأثير اي سياسة كلية مزمعة على المتغيرات المتضمنة على جانبي الايرادات
والنفقات.
ما الذي نحتاجه لاتمتة المالية العامة؟ بالتأكيد ان الموضوع يحتاج بشكل رئيس الى بنية تحتية الكترونية حديثة في اطار تطبيق الحوكمة الالكترونية وهذا الامر يحتاج الى تخصيصات مالية ربما لا تكون قليلة، ولكن المفيد هنا اننا نستطيع الاستفادة من البنية التحتية المالية التي اقامها البنك المركزي العراقي في المصارف خلال السنوات الاخيرة والتي تعد نقلة متطورة واكبت احدث التطورات الدولية في هذا المجال، فضلا عن ذلك نحن بحاجة الى كادر بشري يكون قادرا على التعامل مع هذه
التغيرات.
وهذا الامر غير صعب لما يمتاز به الشباب العراقي من ذكاء وقدرة على التعلم وهنا ايضا يمكن الافادة من الفرص التي توفرها بعض المنظمات الدولية في مجال التدريب، والاحتياج الاخر وهو باعتقادي على مستوى عال من الاهمية يتمثل في الارادة السياسة والقدرة على التنفيذ، حيث ان تنفيذ مشروع اتمتة المالية العامة سيواجه تحديات كبيرة تتمثل في شبكات الفساد المستفيدة من منظومة العمل الحكومي اليدوي، فهل نملك الارداة لتحقيق رقمنة المالية
العامة؟