لو عاد الزمنُ أدراجَهُ هلْ ستختارُ شريكَ حياتِها نفسه؟

اسرة ومجتمع 2019/07/26
...

كربلاء/ زهراء جبار الكناني 
بدأتُ انسحب من حياته تدريجياً، حتى كدت لا أعرفه وبات هو لا يعرفني، يجمعنا سقف، ويفصنا محيط فكري عميق، لا أجرؤ حتى على محاولة الابحار به، لعلّي اصل الى مرساه. تزوجته وهو طالب وانا ربة بيت، اقترن بي بناءً على رغبة اسرته آنذاك، توالت السنوات واصبح اليوم يُحضّر لدراسة الدكتوراه، الفوارق التي بيننا جعلتني اتمنى لو اني لم اتزوجه او إكمال تعليمي، او حتى الولوج في عالمه قبل مضي هذا كل هذا الوقت الذي فصلني عنه! انشغالي في رعاية الاطفال والبيت، جعل مني شيئا منسيا في حياته الخاصة.
اعترافات نسويَّة
تمضي الأيام بنا في دوامة الحياة ترهقنا حيناً، وتريحنا حيناً، وبين الأمس واليوم قصّة في قلب كل امرأة اختزلت حقيقة اختيارها لشريك حياتها، فماذا لو عاد بها الزمن أدراجه هل ستختاره شريك حياتها نفسه فيه؟ (الصباح) أجرت هذا الاستطلاع لتسجل آراء بعض النساء:
 
إنَّهُ قدري 
إن عادت السنين سيكون هو لا غيره، بهذه الجملة استهلت رحمة الكندي مديرة مدرسة 45 سنة حديثها قائلة: “لا أرى أن الزواج اختيار بل هو قدر كتبه الله لكل رجل وامرأة، أنا عن نفسي سيكون هو ذات الرجل ابا لأولادي ليس لأنه الجيد والمكتمل وليس لأنه الأفضل بل لأنه قدري”.  وأضافت:” لم تخلُ حياتي من المنغصات والقسوة والظروف غير الطيبة لكن المودة التي زرعها الله بين الزوجين تنسي مرارة كل ما قاسيته، لهذا يجب ترجيح كفة الأمور الطيبة وتجاهل الأمور القاسية، فهذه هي الحياة”.
إلّا أنّ نوال كريم 50 سنة موظفة، لم تشاطر رحمة الرأي اذ قالت : “لو عاد العمر بنا.. ولن يعود، سأختار رجلا آخر لان اختياري فشل بعد عشرين سنة زواج.
 أكبر خطأ ارتكبته بحق نفسي هو عدم الاستماع لمن هم افهم مني بأمور الحياة، فقد رفض والداي الاقتران به وحتى الاصدقاء إلّا اني تزمتُ برأيي وامتثلت لرغبتي الجامحة في حينها دون التفكير في العواقب”. 
وتابعت بألم وتمنى: “إنّها معجزة إلّا أنّي أتمنى أن يعود العمر بي لأحسن الاختيار، فهو مع الناس والأصدقاء يكون بغاية الادب والاحترام، أما معي ومع أبنائي كان العكس، كان يهمل كل واجباته اتجاهنا، ويوصي غيره برعاية حقوق الأسرة، كل من يعرفه لا يصدق كلامي عنه، لم ادرك لما كان  يعيش حالة الازدواجية لربما لأنه عاش طفولة صعبة واستغلال في الكد والعمل عكس إخوته، فهناك البعض يتأثرون بطفولتهم فالجذور تترك بصمتها في الكِبر، لقد كان يتصرّف على غير سجيته ويتأثر كثيرا بكلام الاخرين حتى وصلنا إلى طريق مسدود انتهى بالطلاق”.
 
غير نادمة
وشاركتنا الرأي وئام عادل إذ قالت: “لقد مضى على زواجي ثلاثة سنوات وانا سعيدة وغير نادمة، ولو عاد بي الزمن سأختاره هو.
 لأنّه يتحمّل عصبيتي ومزاجي المتقلّب ويمتصُّ غضبي بصمته، وهذا ما يجعلني أندم أحيانا على افعالي، وتؤكد بان التريث هو ما يجعل الحياة الزوجية ناجحة ولا تقود إلى الندم فيما بعد، فالمشاكل ممكن حلها حينما لا تعطي الزوجة للمشكلة حجما اكبر، واذ فعلت العكس  فسيقودها إلى مشاكل جمة مع زوجها، مما سيترك بينهما شقاً كبيراً يجعل علاقتهما بتوتر دائم يقودها إلى الندم لكونها اقترنت به”.
 
قسمة ونصيب
بينما اسراء عبد الحسين ربّة بيت قالت: “هناك ظروف تجبر الفتاة احيانا على القبول حتى وان كان الخاطب ليس مناسبا لها، لربما بمرور الزمن ستدرك ان اختيارها كان صائبا ولربما العكس، خصوصا الحقبة التي عاشتها المرأة العراقية بين الحروب والحصار تجعل منها تختار الرجل الذي يستطيع ان يوفر لها حياة كريمة بعيدة عن أي امور اخرى مثل  التوافق الفكري او العاطفي”. 
وتضيف: “يجب على الزوجة ان تتحمّل زوجها بكل ظروفه، وان لا تفكر بانها لو لم تتزوجه لكانت تزوجت الافضل منه، فهذا التفكير السلبي سيجعلها تبغضه او تهمله، فتتلاشى المودة وتتفاقم المشاكل فيما بينهما، كما ارى ان الزواج قسمة ونصيب و لن يصيبنا إلى ما كتب الله لنا”.
ختمت حديثها: “أنا عن نفسي أعيش حياة كريمة مع زوجي بكل معنى الكلمة ولست نادمة إطلاقا، ولو عاد بي الزمن أدراجه سأتزوج نفسه”. 
وكان لام مصطفى وجهة نظر ادلت بها قائلة: “في الزواج يجب ان نبعد العواطف ونحكم العقل.
ما زلت أتذكر امي كيف أصرت ان أتزوج من أب أولادي وانا كنت ارفض، لم تجبرني الا انها اقنعتني بانه يناسبني لجوانب كثيرة كنت لا أراها أو بمعنى أدق لا افهمها.
كنت انظر للزواج من جانب آخر بعيد عن المفاهيم التي يتوجب ان نأخذها بعين الاعتبار، اهمها ان يكون الشاب يعرف أصول دينه اذ سيكون ابا و قدوة لأطفالنا وهذا هو اساس الاسرة المتين”.
واوضحت ام مؤمل 34 سنة بقولها: “هناك فوارق بين الزوجين يمكنها ان تخلق فجوة فكرية ومزاجية، منها فارق العمر او الثقافة وحتى الالتزام الديني لكليهما، اذ تكون سبباً في نشوب الخلافات الزوجية، ولا نتجاهل الجانب المادي فهو ركن مهم في ادامة الحياة وترطيب اجواء الأسرة ونجاح مشروع الحياة 
الزوجية”.
وتابعت بقولها:” في ماضينا وحاضرنا نجد ظروفا تقيد المرأة والرجل في الاقتران بشريك الحياة، وذلك لمواكبة البلد من حروب وحصار وتلاها الإرهاب، لربما تكون هناك اختيارات غير صائبة، لكن المرأة القوية تستطيع صنع واقع ملائم للعيش فيه، وتستطيع ان تجعل من الشريك الرجل الملائم لحياة اسرية تحلم بها متخطية كل الصعاب والظروف.
 وتبقى المرأة في كل المجتمعات أمّاً تحمل رسالة الامومة وبناء اسرتها مع الشريك والمحافظة على كيانها يستوجب الكثير من التنازلات لتخطي المشاكل وتحديها”.
 
قرار مصيري
وكانت محطتنا الأخيرة مع الاستشارية نور مكي الحسناوي إذ قالت: “يعد الزواج قرارا مصيريا، اذ يُعتبر مشروع العمر، فعلى المرء ان يحسن الاختيار، فاختيار الفتاة للزوج المناسب فكرة تؤرق الكثير من الفتيات والشيء نفسه ينطبق على الرجل، خاصة وأن كل شابة تبحث عن الزوج الصالح والمثالي من وجهة نظرها، ووفقاً للمعايير التي تراها، وربما تحتار هل تترك الاختيار لأسرتها أم تسعى إلى ذلك بنفسها وتكون مستقلة برأيها، وهنا ستجد صعوبة خصوصا ان كانت ربة بيت”.
وتضيف: “وحتى تنجح الفتاة في الاختيار من اجل ان يستقر هذا الزواج، لا بدّ من وجود عاملين مهمين، الأول الميل العاطفي، ويصاحب ذلك العامل الثاني وهو القناعة العقلية بمدى مناسبته لها”.
واوضحت الحسناوي: “أن المنطق العقلي يعني وجود التكافؤ الاجتماعي, والثقافي والمادي والديني بين الفتاة والشاب الذي تريد أن ترتبط به، إلى جانب وجود مساحات مشتركة بينهما، وقدر من التوافق بين الأسرتين، فضلاً عن وعي الطرفين بمميزات الآخر، وقدر غير قليل من عيوبه، وتنظر الفتاة الناضجة هل تستطيع أن تتكيف مع تلك العيوب أم لا؟ وارى أنه لا وجود لمفهوم الزوج المثالي بمعنى الكلمة بل يوجد زوج مناسب، فالزوج المثالي بالنسبة للفتاة قد لا يناسب فتاة أخرى وهكذا، فهناك فتاة تهتم بالشكل، وأخرى تهتم بالمال وثالثة تهتم بالتديّن وما إلى ذلك من المعايير فهي تختلف من شخص إلى آخر”.