قريبا.. «السعودية وإيران» على طاولة الحوار والتعاون المشترك

قضايا عربية ودولية 2019/07/27
...

طهران / وكالات
 

بين ليلة وضحاها تنقلب موازين السياسة، وذلك تحت بند حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول الاخرى وبهذا البند افتتحت الرياض نقطة حوار جديدة فالايام القادمة قد تشهد تحركا سعوديا ايرانيا للتقارب في العلاقات ونبذ الخلافات التي طالما عكرت صفو المنطقة اثر تبادل الاتهامات في تساؤل عن المسبب في زعزعة الامن الدولي.. مبادرة قد تقلب مسار التحركات الدولية في المنطقة العربية والاوروبية وتغيير مجرى السياسات الخارجية للدول، اذ أكد المندوب الدائم للسعودية لدى الأمم المتحدة، عبد الله بن يحيى المعلمي، استعداد الرياض لإقامة علاقات تعاون بين الدول العربية وإيران. وصرح المعلمي في كلمة المملكة أمام مجلس الأمن في نيويورك، بصفته رئيسا للمجموعة العربية لهذا الشهر، بأن العلاقات يجب أن تكون قائمة على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها. 

وأردف الدبلوماسي قائلا: "نسعى إلى استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، والسبيل الحقيقي والوحيد لذلك إنما يتمثل في احترام جميع الدول في المنطقة لمبادئ حسن الجوار والامتناع عن استخدام القوة أو التلويح بها والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وانتهاك سيادتها". 
 في المقابل أکد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بیشه، أن "الدول العربية تتجه نحو إزالة التوتر الإقلیمي، وأن إيران ترحب بازالة التوتر مع جيرانها".
وأشار فلاحت بیشه، في حوار مع وکالة "إسنا" الإيرانية، إلى تحركات بعض دول المنطقة، للتعامل الدبلوماسي مع إيران، قائلا: "يجب التحرك نحو الحد من التوترات".
وأوضح: "اليوم اتخذت بعض دول المنطقة، مثل السعودية، والإمارات، مواقف مختلفة عن الماضي، بما يشير إلى إعطاء الضوء الأخضر لإزالة التوتر في المنطقة"، مؤكدا أن "هذه الدول توصلت إلى أن انعدام الأمن في المنطقة لا یصب لصالحهم".
وتابع المسؤول الإيراني: "بطبیعة الحال، بعد إسقاط طائرة أميركية بدون طيار، يبدو أن هذه الدول واجهت داعمها العسكري مهزوما، کما أن بعد ذلك، دعا الرئیس الأميركي دونالد ترامب الجميع إلى تكریس الأمن في المنطقة. وحتى الآن، كانت الولايات المتحدة تبتز بشكل غير رسمي من بلدان المنطقة تحت مسمی إقرار الأمن، لكنها فشلت في تنفیذ التزاماتها".
وختم فلاحت بیشه حواره، بقوله: "أنه ونظرا لقيام بعض الدول العربية إلى حد ما بالعمل على إزالة التوتر فيجب على إيران أيضا الترحیب بازالته مع جيرانها". بطبیعة الحال، يجب اتخاذ بعض المواقف، ولكن بشكل عام، فإن الظروف تسير نحو إزالة التوترات وتشير المواقف السعودية والإماراتية بوضوح إلی الابتعاد عن التوتر، حيث أن الدولتين الخليجتين کانتا تعتقدان قبل إسقاط الطائرة المسیرة أنه لا ينبغي الاتفاق مع إيران کما تطرق البعض إلی ملف الهجوم على إيران لكننا وبعد إسقاط الطائرة شهدنا العودة من مواقفهم السابقة". 
 
الأمن الايراني
بدوره أكد محمد جواد جمالي، نائب رئيس لجنة الأمن في البرلمان الإيراني، عدم وجود أي مشكلة مع دول الجوار، وقال يمكن أن تكون السعودية حليفا وشريكا ستراتيجيا لنا، إذا تخلت عن تبعيتها لواشنطن" حسب تعبيره.
وأضاف جمالي في رد على تصريحات سفير السعودية لدى الأمم المتحدة، عبد الله بن يحيى المعلمي: "إذا تخلت السعودية عن تبعيتها للولايات المتحدة، يمكن أن تكون حليفا وشريكا ستراتيجيا لإيران، وسيكون ذلك لصالح دول المنطقة".   
بدوره قال نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، إن الاستراتيجية العقلانية للدول العربية والجمهورية الإيرانية هي التعامل مع بعضها البعض.
وذكر كمال دهقاني أن هدف إيران يتمثل في تخفيف التوتر وإحلال الأمن بمساعدة القوى الفعالة في المنطقة، وفي هذا المسار "على السعودية  اتخاذ القرار بهذا الشأن  بشكل مستقل".
ونقلت وكالة "إسنا" عن دهقاني القول، عن تحركات بعض دول المنطقة مثل السعودية للتعاطي الدبلوماسي مع إيران، إنه "واحد من أهم ستراتيجيات بلادنا هو تحسين العلاقات مع دول الجوار".
وتابع "شهدنا على مدار الأعوام الماضية أن الولايات المتحدة تستغل بعض الدول المجاورة لتنفيذ سياساتها ضد إيران، وأن هذه الدول ومن خلال تصرفاتها، زادت من فجوة بين الحكومة والشعب في بعض الدول العربية يوما بعد الآخر، وهو ما يمكن رؤيته بين الدول العربية والإسلامية أيضا".
 
مجموعة بريكس
من جانب آخر بحث وزراء خارجية دول مجموعة "بريكس"،  التوتر في منطقة الخليج والملف الكوري الشمالي، إضافة إلى التطورات في الشرق الأوسط وأفغانستان. 
وجاء في بيان ختامي صدر عن اللقاء الذي عقد في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، أن وزراء الدول الخمس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا) "أعربوا عن قلقهم إزاء التوتر في الخليج ودعوا إلى إيجاد حل سلمي سياسي مبني على الحوار والدبلوماسية".
كما أشار البيان إلى أن وزراء الخارجية "رحبوا بالإجراءات التي جرى اتخاذها مؤخرا بهدف إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية بشكل كامل، والتي تساعد في دعم السلام والاستقرار بشمال شرق آسيا".
وذكر البيان أيضا أن الأطراف "أعربت عن قلقها إزاء النزاعات والتوترات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومناطق أخرى عدة، والتي لها تأثيرات جسيمة في المستويين الإقليمي والدولي".
أما الوضع في أفغانستان، فأكد وزراء الدول الخمس تمسك بلدانهم بدعم الجهود الدولية والوطنية الهادفة للتوصل إلى اتفاق سلام في هذه البلاد.
 
تحذير روسي
في الوقت نفسه حذر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من مخاطر مرتفعة لاندلاع مواجهة عسكرية واسعة في منطقة الخليج بسبب الخطوات المعادية لإيران، داعيا إلى تطبيع الوضع عبر مفهوم الأمن الجماعي.
وقال لافروف، في كلمة ألقاها خلال اجتماع لمجلس وزراء خارجية دول مجموعة "بريكس"، في ريو دي جانيرو البرازيلية: "تثير الأوضاع حول إيران قلقا بالغا، وندعو زملاءنا الإيرانيين إلى إبداء الصمود والتطبيق الصادق لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية واتفاق الضمانات الشاملة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والبروتوكول الإضافي له".
وأشار لافروف مع ذلك إلى أنه "من غير المجدي مطالبة إيران بتطبيق كل التزاماتها في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة بصورة أحادية الجانب"، مضيفا: "نسعى إلى أن يفهم شركاؤنا الأوروبيون مسؤوليتهم عن الحفاظ على الصفقة النووية ويوفوا بتعهداتهم".
وتابع لافروف: "أدت الخطوات المعادية لإيران إلى زعزعة حادة للاستقرار في منطقة الخليج، وتطورات الأحداث اقتربت من خط محفوف بمخاطر مرتفعة لاندلاع مواجهة عسكرية واسعة النطاق"، مشددا على ضرورة منع تحقق مثل هذا السيناريو، مبينا: "ندعو إلى تطبيع الأوضاع في هذه المنطقة بأسرع وقت ممكن مع إنشاء نظام أمن جماعي وتعاون هناك".
وأوضح قائلا: "ولهذا الهدف، سنقوم بدفع نشط لمفهوم ضمان الأمن الجماعي في منطقة الخليج، ونص هذه المبادرة تم توزيعه بين الزملاء، ونتوقع دعمها من قبل الشركاء في بريكس".
 
سلطنة عمان
 بدوره وصل وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي، إلى العاصمة طهران للقاء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وعددا من المسؤولين لبحث التطورات الإقليمية الراهنة.
وقالت وزارة الخارجية العمانية في تغريدة عبر حسابها الرسمي على "تويتر" ، إن "ابن علوي وصل إلى طهران  والتقى وزير الخارجية جواد ظريف وعددا من المسؤولين الإيرانيين حيث يتم بحث آخر التطورات الإقليمية الجارية في المنطقة حاليا".
وكانت سلطنة عمان قد دعت إيران، يوم الأحد الماضي إلى إطلاق سراح الناقلة التي ترفع العلم البريطاني ستينا امبيرو، كما حثت جميع الأطراف في ضبط النفس وحل الخلافات دبلوماسيا.
وقال تلفزيون عمان، على "تويتر": "سلطنة عمان تدعو لعدم تعريض هذه المنطقة للمخاطر التي تؤثر في حرية الملاحة"، مشيرة إلى أنها تتابع باهتمام بالغ حركة الملاحة في مضيق هرمز.
 
مراقبة المانية
من جانبه ذكر وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أن بلاده ستتخذ قرارها حول المشاركة في البعثة الأوروبية لتأمين الملاحة في مضيق هرمز بعد حصولها على مزيد من الإيضاح بشأن هذه الخطة.
وقال ماس، في حديث لصحيفة "Funke" الألمانية تعليقا على مسألة مشاركة بلاده في البعثة البحرية التي اقترحت بريطانيا تشكيلها على خلفية حادث احتجاز إحدى سفنها في المنطقة من قبل إيران: "سنستطيع اتخاذ قرار حول ذلك فقط بعد حصولنا على مزيد من الوضوح حول شكل هذه المهمة".
وأضاف ماس: "نحن على اتصال مع الحكومة البريطانية الجديدة بما في ذلك من أجل معرفة مواقفها... والخطة لا تزال قيد المرحلة البدائية".
واعتبر وزير الخارجية الألماني مع ذلك أن "أي تصرفات تتعلق بمضيق هرمز يجب أن تحمل طابعا أوروبيا".
كما شدد ماس على أن ألمانيا لن تشارك في ستراتيجية "ممارسة أقصى الضغوط" التي تتبعها الولايات المتحدة ضد إيران، وتشمل فرض عقوبات اقتصادية وتعزيز القوات الأميركية في المنطقة.
 
قائمة المناطق الخطرة
 في الوقت نفسه اقترحت النقابة البحرية الدولية "Nautilus International" اعتبار الخليج العربي وخليج عمان ومضيق هرمز منطقة خطيرة، الأمر الذي سيسمح بضمان تأمين إضافي على حياة وصحة البحارة في المنطقة.
وجاء في بيان صدر عن نقابة البحارة الروس ونشر على موقعها الرسمي،: "تحاول النقابة البحرية الدولية "Nautilus International" عقد جلسة طارئة للجنة العمليات العسكرية البريطانية.. لمناقشة مسألة إدراج مضيق هرمز فى قائمة المناطق المتميزة بالخطر العالي للأعمال الحربية. وإضافة إلى ذلك تدعو النقابة لتعزيز الدعم العسكري البحري للملاحة التجارية في المنطقة لضمان حرية الملاحة".
وأضاف البيان: "إن إضافة منطقة أو أخرى إلى قائمة المناطق المماثلة تعني ضمان التأمين الإضافي على حياة وصحة البحارة، وكذلك دفع الأجور المرتفعة لهم. كما يحق لعضو الطاقم الذي يعرف أن سفينته تتجه إلى مثل هذه المنطقة مغادرة السفينة على حساب صاحبه. ولم يتم حتى اليوم إدراج الخليج العربي أو خليج عمان أو مضيق هرمز فى هذه القائمة، لكن يوجد هناك احتمال أن مبادرة الـ"Nautilus International" ستغير الوضع".
واحتجزت القوات البحرية لحرس الثورة الإيراني في 19 تموز الجاري الناقلة البريطانية "Stena Impero" في مضيق هرمز ورافقتها فيما بعد إلى ميناء بندر عباس. ولا يزال طاقم الناقلة المتكون من 23 شخصا، بمن فيهم 3 مواطنين روس، على متن السفينة.
وأصبحت هذه الحادثة رد إيران على احتجاز ناقلتها من قبل سلطات جبل طارق في 4 تموز الجاري بتهمة انتهاك العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا.
 
 تحذير ايراني
بدوره قال الخبير في الشوون الإيرانية والإقليمية، الدكتور حكم أمهز: إنه حتى الآن لم يصدر موقف إيراني رسمي تجاه ما أعلنته بريطانيا حول مرافقة بحريتها السفن البريطانية في مضيق هرمز.
وتابع الدكتور أمهز رغم الخلافات البريطانية الأميركية من جانب، والإيرانية من جانب آخر، فإن إيران لم تصدر أي موقف رسمي يتعلق بما أعلنته وزارة الدفاع البريطانية، حيال مرافقة البحرية الملكية لجميع السفن البريطانية لحمايتها وضمان أمنها في مضيق هرمز. 
وأضاف الدكتور حكم أمهز: إن "الموقف الإيراني معروف في هذا الإطار، فهناك قوانين دولية تحكم حركة الملاحة البحرية، سواء في مضيق هرمز أو غيره، وهناك مياه إقليمية خاصة بكل دولة، وإيران تعتبر هذه المياه ضمان سيادة الدولة، وبالتالي أي اعتداء عليها سيقابل بالرد مهما كان
 الأمر. 
وأضاف أمهز أنه إذا كان الأمر يتعلق بمنطقة بعيدة عن المياه الإقليمية، فهناك قواعد وقوانين دولية تحكم هذه المناطق أيضا، وعلى الجميع أن يلتزم بهذه القوانين الدولية. 
وأشار الخبير في الشؤون الإيرانية والإقليمية، الدكتور حكم أمهز، إلى أن القرار البريطاني إذا كان متعلقا بحماية السفن البريطانية التي تمر في مضيق هرمز والخليج، فهذه المنطقة آمنة تماما بالنسبة للملاحة.وتابع أمهز: ما وقع الفترة الماضية من أحداث، لم يحدث في المنطقة التي تقع تحت النفوذ الإيراني، بل حدث ذلك في المنطقة التي تقع تحت النفوذ الأميركي على حد تعبيره.