حقوق المتقاعدين

آراء 2019/07/28
...

أحمد جبار غرب
 

في المجتمعات التي تحترم حقوق الانسان وتحاول رفع مكانته بما يستحق من تكريم واهتمام ورعاية بعد ان يتآكل عمره ويصبح خريفا شحيحا بالعطاء لإشعاره بأنه كائن مقدس ويسمو بانجازاته وأفعاله الى مرتبة عظيمة ، ولعل شريحة المتقاعدين الذين افنوا سنين عمرهم وربيع حياتهم في خدمة مجتمعاتهم في اي رقعة مكانية او زمانية كانت ، هم اولى بالتبجيل والاحترام. ولهذا تشرع تلك الدول الى تكييف قوانينها وتشريعاتها الدستورية لخدمة هذه الفئة التي اصبحت خارج اطار العمل وفق السياقات والقوانين المعمول بها.
 من هنا شملت رعاية هؤلاء بالضمان الصحي والسكني وأيضا اعطائهم امتيازات ورواتب كبيرة حتى يستطيعون تدبير شؤون عائلاتهم في ما تبقى من عمرهم. وقد عملت الدول المتقدمة الى جعل يوم نهاية خدمة المتقاعد يوما كرنفاليا احتفاليا، تقوم به المؤسسات والدوائر الوظيفية في تلك المجتمعات لإشعاره بمكانته الكبيرة ولاعتزاز الدولة بما قدمه من عطاء على مر سنين عمله ولهذا هو يستحق ان يكرم ماديا ومعنويا، وهذا بحد ذاته مكافأة تشعر المحال الى التقاعد بالفرح والسعادة، وان ما قدمه للمجتمع رغم انه واجب عليه لكنه مدعاة للفخر والامتنان، ولهذا نرى ان معدل اعمار المتقاعدين في تلك الدول يتجاوز الـ80 عاما لعدم وجود منغصات او منكدات في حياتهم تشغل الذهن وترهق الجسد والعقل بالتفكير والقلق ايضا .ان هذه المرحلة من حياة المتقاعد يجب ان تحظى بالاهتمام والدراسة من قبل اولي الامر لأنها تنطوي على شواغل وإرباكات يعاني منها هذا الكائن مع تقلبات سيكولوجية مختلفة قد تودي به ..ولهذا نرى ضرورة ان تعطى اولوية الاهتمام بهذه الشريحة في بلدنا الى مستوى افضل وان تكرم وتأخذ حقوقها المعنوية والمادية ايمانا بالعدالة الاجتماعية ، وإزاحة الفوارق بين الفئات الاجتماعية لجعل حياة هذه الشريحة افضل بعد ان عانت كثيرا في ضل العقود الاخيرة.
 لكن يجب ان نؤكد ان هذا الامر مرتهن بالاستقرار السياسي والاقتصادي للدولة وهو متاح حاليا،فقد صدرت بعض التشريعات لأنصاف هذه الشريحة من الدولة العراقية ومنها مكافأة نهاية الخدمة وهذا شيء رائع تقدم عليه الحكومة حيث يستطيع المتقاعد الاستفادة واستثمار المبلغ في مشروعات بسيطة اذا كان الراتب التقاعدي الذي يستلمه لا يلبي كامل احتياجاته خصوصا ذوي الدخول الواطئة والأكثر افرادا في الاسرة الواحدة  ..وعليه يجب ان تراجع الحكومة دراسة توزيع الرواتب التقاعدية لجمهرة مهمة من ابناء هذا الشعب الكريم والمضحي، ويشكلون عددا كبيرا منه .ولاشك فإن المتقاعد هو منا ومن اهلنا، هو اخونا وأبونا وعمنا وصديقنا .
 انه المجتمع بكاملة في مرحلة انتقال طبيعي بعد ان ادى واجبه ومن منطلق الرعاية والاهتمام نتوجه الى الدكتور السيد عادل عبد المهدي باعتباره رئيسا تنفيذيا للبلاد وله الصلاحيات في ان يرمم ما يتقاضاه المتقاعد من رواتب شحيحة قياسا بحالة السوق ومتطلباته، وأيضا المؤسسة التشريعية يجب ان يكون لها الحكم الفصل في هذا الموضوع لأنها الجهة المصدرة للتشريعات، ونتمنى ان تصدر قانونا لتعديل الرواتب بما يكفل حياة حرة وكريمة لهذه الشريحة المكافحة وان ملايين الناس بانتظار ان يتلقوا البشرى من الدولة التي خدموها وافنوا زهرة شبابهم بها ان تعطيهم بعضا من حقوقهم المجزية في ظرف صعب يعانون منه.
 وان تكون ثمرة الدولة الديمقراطية التي نعيشها هي حماية حقوق المواطن في حياته وتشريع قوانين وإقرارها لصالح هؤلاء الناس فهم اولى بالاهتمام ولا خسارة مادية مقابل الدفع المعنوي والمادي الذي قدمه هؤلاء ومن منطلقات انسانية ان تكون استحقاقاتهم المادية موازية لظروف الحياة الصعبة التي يكابدونها،نعم يجب ان تكون هناك وقفة لأعلى المستويات لإنصاف هذه الفئة ومن الله التوفيق.