كريم شغيدل
حرب الناقلات المستعرة في الخليج تبدو وكأنها الشرارة الأولى لحرب أو هجوم خاطف على إيران، فالقوات الأميركية بدأت تحتشد، بريطانيا تحتجز ناقلة النفط الإيرانية(جريس1) وإيران ترد باحتجاز ناقلة النفط البريطانية(ستينا إمبيرو)، وإذا كان البعض قد عدَّ حادثة إسقاط إيران للطائرة الأميركية المسيرة بداية للحرب وقد طويت صفحتها، فإن حرب الناقلات هي مناورات جديدة لجس النبض الإيراني، وبمرور الأيام سيتم تعويم الملف بصفقة تتدخل فيها بعض الأطراف الأوروبية، فلا بريطانيا ولا أميركا ولا دول الخليج يمتلكون زمام المبادرة لخوض غمار الحرب مع إيران، وهذا ليس دفاعاً عن إيران ولا تفخيماً لقوتها ولا تقليلاً من شأن القوى الأخرى الساعية لدحر إيران وتحجيم نفوذها في المنطقة.
ترامب من خلال العقوبات الاقتصادية، أمسك إيران من اليد التي تؤلمها، وهو على ثقة من أن العقوبات ستضعفها، على الرغم مما تمتلكه من ممكنات الصمود، ساعياً لزعزعتها من الداخل بضغط العامل الاقتصادي وانعكاساته التي باتت واضحة على الشعب الإيراني، ترامب يضع العامل الاقتصادي أولاً في سياساته، سواء مع الحلفاء أم مع الأعداء، وإيران وملفها النووي ما هي إلا ورقة ضغط لابتزاز الدول الخليجية، حتى الحرب بالنيابة مع إيران فهي خسارة لأميركا، فإذا كان البعض يرشح العربية السعودية ومن يتبعها من دول الخليج، فإن الأميركان يعون جيداً بأنهم فشلوا في اليمن وإيران طرف غير مباشر، وفشلوا في سورية وإيران طرف غير مباشر، كما أنهم لم يحققوا في العراق ولا في لبنان ما حققته
إيران من نفوذ.
هناك ضغط إسرائيلي واضح باتجاه ضرب إيران، بحجة أنها تشكل خطراً على أمن إسرائيل، وأنها ستقوم بتخصيب اليورانيوم وستمتلك أسلحة نووية، في الوقت الذي لم توقع فيه إسرائيل على الاتفاقية الدولية لحظر ما يسمى أسلحة الدمار الشامل، ولديها مفاعل نووي وأسلحة نووية إلى جانب أنواع أخرى من الأسلحة المحظورة، وأنها لم تذعن لكل قرارات مجلس الأمن منذ احتلالها للأراضي العربية حتى يومنا هذا، ولم تلتزم بحل الدولتين واتفاقية أوسلو، ومع ذلك هي الدولة الأكثر تحمساً لضرب إيران ومنع امتلاكها للطاقة النووية حتى لأغراض سلمية، وتدين دول الاتحاد الأوروبي وتتهمها بالنازية لمجرد أنها تتعامل وفق الاتفاقية(5+1) الذي ألغيت من طرف واحد هو الإدارة الترامبية، فأية
ازدواجية هذه؟
يقول البعض إن إيران تحاول استفزاز القوى العظمى ليتم ضربها، فإن أية ضربة لإيران ستفرج عن أزمتها الداخلية بسبب العقوبات، لكن الاستفزازات مصدرها الآخرون، سواء الطائرة المسيرة أم ناقلة النفط،
فضلاً عن أن أصابع الاتهام في ضرب معسكر الحشد الشعبي في آمرلي تشير إلى إسرائيل، على الرغم من الروايات المتضاربة، ومع كل هذا وذاك لن يجازف ترامب بأكثر من تحشيد القوات والدعوة لتحالف دولي لحماية الملاحة الدولية، وهي ذريعة جديدة
لمزيد من الابتزاز.